باب معرفة ما ينصرف ومالا ينصرف
  صَباحَ مَساءً، والقوم فيها شَغَرَ بَغَرَ أي متفرقين، وسقط(١) بين بين، قال (عبيد):
  ١٩٦ - نَحْمي حقيقتنا وبَعْضُ ... القَوْمِ يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا
  ومثله: تساقطوا أخْوَلَ أخْوَلَ، أي متبدّدين، فهذا كله مبني على الفتح، ولا يكون إلا فضلة ظرفًا أو حالاً».
  اعلم أنه لما كان التركيب ضمّ اسم إلى اسم وجعلهما كالشيء الواحد، وكانت هذه الأسماء جارية هذا المجرى ذكرها معه، وإن كان الاسمان المركبان حكم آخرهما(٢) الإعراب لا البناء، وهذه الأسماء حكم أواخرها البناء لا الإعراب، والمشابهة بينهما ما بينت لك.
  فأما (كَفَّةَ كَفَّةً) و (جاري بَيْت بَيْت) فالتقدير فيهما حذف اللام فلما حذفت تضمنت معناها فبنيت؛ لأنّها تضمنت معنى حرف، وكان الأصل جاري بينا لبيت، ولقيته كَفَّةً لِكَفَّة، أي متكافئين، كأنك قلت: هو جاري ملاصقا، ولقيته متواجهين، فانتصب ذلك على الحال، والعامل في الحال الفعل المقدم. فأما (صَباحَ مَساءَ) فالتقدير: يأتينا صباحا ومساءً، فلمّا حُذِفَتِ الواو ضُمِّنَ الاسمان معناها فبنيا على الفتح، وانتصابهما على الظرف في الموضع فأما
(١) في (مل): (سقطوا).
١٩٦ - البيت من مجزوء الكامل.
وهو في ديوانه: ١٤١، وما ينصرف وما لا ينصرف: ١٠٦، وابن يعيش: ٤/ ١١٧، وشرح الكافية الشافية: ٣/ ١٦٩٨، والمساعد: ١/ ٥٢٧، وسر الصناعة: ١/ ٥٥، والجمع: ٢/ ٣٢٩.
الحقيقة: ما يحق للإنسان أن يحميه كالابن والوالد والأم ... الخ يسقط بين بين: أي يتساقط ضعيفا لا يعتد به.
(٢) في الأصل: (آخرها) وهو تحريف، وفي (ع): (أحدهما) وهو وهم.