البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الجمع

صفحة 565 - الجزء 1

  لتناهي مثال التكسير دونه، وذلك نحو: سَفَرجَل وَسَفَارجَ، وَجَحمَرِش وَجَحَامِرَ، وَقَرْطَعْب وَقَراطِعَ. فإن كان فيه زائد حذفته أين كان إلا أن يكون رابعه ألفًا أو ياءً أو واواً، تقول في تكسير مُدَحْرَج: دَخَارِجَ، تحذف الميم؛ لأنّها زائدة وكذلك: سُمَيْدَعْ وَفَدَوْكَس، تقول: سَمَادِعُ وفَداكس فتحذف الياء والواو، وكذلك ألف عذافِر إِذا قلت: عَدَافِرُ».

  اعلم أن الأمثلة الخماسية لا جمع لها ولا تصغير، وإنّما امتنع ذلك عند العرب؛ لأنها بكثرة حروفها ثَقُلَتْ فقل استعمالهم لها، فلذلك لم يضعوا لها جمعاً ولا تصغيراً. فإن احتاجوا إلى جمع شيء منها حذفوا الحرف الخامس؛ ليرجع الاسم إلى الأمثلة الرباعية ثم يجمعوه جمع الرباعي.

  والأمثلة الخماسية أربعة بلا خلاف، وهي: (فَعَلَّل)، نحو: فَرَزْدَقٍ وَسَفَرْجَل. وَ (فعلل)، نحو: جِرْدَحْل و (فعلل)، نحو: قُذَعْمِل. و (فَعْلَلل)، نحو: جَحْمَرِشٍ.

  واعلم أنه لا يكون من هذه الأبنية فعل كما كان من الرباعي والثلاثي، وإنما امتنع ذلك؛ لأنهم لو قدروا فعلاً لاحتاجوا إلى زيادة حرف المضارعة في أوله للاستقبال، وكان يدخل عليه علامة المضمرين من التثنية والجمع، وتزاد ميم للفاعل⁣(⁣١)، فتكثر حروفه، فيثقل عليهم، فلذلك رفضوه. فإذا جمعت (سَفَرْجَلَ) قلت: سفارج، فتحذف اللام ثُمَّ تُكَسِّرُهُ على (مَفاعِلَ). وإِن شئت عوضت فقلت: سفاريج، وكذلك فَرَزْدَقٌ إِن شئت قلت: فَرازيد، وإن شئت عوضت فقلت: فَرازيد. ومنهم⁣(⁣٢) مَنْ يحذف الدال ويبقي القاف فيقول: فَرازِق. وإنما تطرق الحذف على الدال، وإن لم تكن طرفًا، لأن مخرجها ومخرج التاء⁣(⁣٣) واحد، والتاء حرف


(١) في (ع) (ميم مفاعل)، وهو وهم؛ لأن المراد إنّما هو الميم التي تلحق جمع الذكور بعد الضمير، والتي نعبر عنها بقولنا: الميم علامة جمع الذكور العقلاء.

(٢) هذا رأي المبرد انظر المقتضب: ٢/ ٢٢٨.

(٣) في الأصل: (الفاء)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).