باب النسب
  رفع ما يقع بعده أو يكون مضمراً فيه نحو قولك: مررت برجل كوفي أبوه، وأبوه كوفي.
  وإنما اختاروا للنسب ياء مشدّدة لأمرين:
  أحدهما: لئلا يلتبس بياء الإضافة.
  والثاني: أن لا يلحقها التنوين، فتسقط كياء (قاضي) و (غازي). وإِنما كُسِرَ ما قبلها؛ ليكون ذلك أشد امتزاجاً لها بالكلمة وأقوى اتصالاً. وإنما قلبوا من كسرة الأوسط فتحة، لاجتماع أربع كسرات وهي: كسرة الأوسط، والطرف، وياء النَّسب تُعَدُّ ياءين، وهما من جنس الكسرة، فلما أدى إلى ذلك ثَقُلَ، فقلبوا من الكسرة فتحة طلبا للخفّة.
  قال: «فإن تجاوز الاسم ثلاثة أحرف، لم تُغير كسرته، تقول في الإضافة إلى تَغْلِبَ: تَغْلِبي، وإلى المَغْرِبِ: مَغربي، هذا هو القياس. وذلك أن الكسرة سقط حكمها لغلبة الحروف عليها(١).
  اعلم أن الاسم الرباعي لما كثرت حروفه قاوم(٢) صدره آخره فلم يحفلوا بتوالي الكسرات فأجروه على صيغته. ومن النّاس(٣) مَنْ يقلب من الكسرة فتحة كما فعل في الثلاثي، ويحتج بأن الحرف الثاني ساكن. والساكن لا يقاوم المتحرك، وليس بقياس، إلا أنه أجراه مجرى الثلاثي فراراً من توالي الكسرات.
(١) في (ع): (لغلبة الحروف لها)، وفي (مل): (لغلبة كثرة الحروف لها).
(٢) في (ع): (وقام)، وهو تحريف.
(٣) هذا رأي المبرد انظر شرح المفصل: ٥/ ١٤٦، وعليه سار ابن السراج والرماني والفارسي والصيمري. انظر الهمع: ٢/ ١٩٥، ونسبة ذلك إلى الصيمري فيها نظر؛ لأن الصيمري في التبصرة اكتفى بعرض الرأيين، وحجة كل منهما دون عزو ولم يرجح أيا منهما. انظر التبصرة: ٥٨٦/ ٢.