البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

الفصل الثالث توثيق الكتاب

صفحة 4 - الجزء 1

  أشياء)؛ لأَنَّ الكَلِمَ عِنْدَ النَّحْويين قد تجيء مفيدة وغير مفيدة، واستعملوها في أكثر الأمر غير مفيدة؛ لأنَّ (الكلم) جمع (كَلِمَة)⁣(⁣١)، والكلمةُ عِنْدَهُمْ: اسم أَوْ فِعْلٌ، أَوْ حَرْفٌ، فـ (الكَلِمَةُ) قطعةٌ من (الكَلِم)⁣(⁣٢) كما أنَّ (الفِدْرَةَ) قطعَةٌ من اللحم⁣(⁣٣). والدليل على أنها جاءت غير مفيدة قولهم: ما نَبَسَ بِكَلِمَةٍ، ولا تَرَنَّمَ بكلمة، يُريدون ما قال شيئًا.

  و (سيبويه) استعمل الكلم فيما كان دالاً على معنى لا يكون مفيداً إذا لم يكُنْ مُرَكَّبا⁣(⁣٤). فإذا تَرَكَّبَ بَعْضُهُ مع بعض سَمَوهُ (كلاما)، ولم يُسموه (كَلِما)، نحو قولهم: زَيْد منطلق، وعَمْرُو خارج، وخرج بكر، وما أشبه ذلك. فهذا عندهم كلام، ولا يسمونه كلما، وإن كان في الحقيقة كلما⁣(⁣٥). هذا عُرفُ النَّحْويين وعليه موضوعهم.

  قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}⁣(⁣٦). ولم يَقُلْ: كَلِمَ اللهِ. وقال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}⁣(⁣٧).

  فَإِنْ قالَ قائل: الكَلِمَةُ⁣(⁣٨) مُسْتَعْمَلَةٌ في كلام العرب وهي مفيدة، ويراد بها


(١) (الكلم): اسم جنس جمعي، وهو غير بعيد من معنى الجمع.

(٢) في (ع): (من الكلام)، وهو سهو.

(٣) لا أرى وجه شبه واضح في كلامه هذا.

(٤) الكتاب: ١/ ٢.

(٥) هذا إذا نظرنا إليه مفرقا دون تركيب.

(٦) التوبة: (٦).

(٧) الفتح (١٥).

(٨) في الأصل: (الكلم)، وهو تحريف والتصويب من (ع).