الفصل الثالث توثيق الكتاب
  أشياء)؛ لأَنَّ الكَلِمَ عِنْدَ النَّحْويين قد تجيء مفيدة وغير مفيدة، واستعملوها في أكثر الأمر غير مفيدة؛ لأنَّ (الكلم) جمع (كَلِمَة)(١)، والكلمةُ عِنْدَهُمْ: اسم أَوْ فِعْلٌ، أَوْ حَرْفٌ، فـ (الكَلِمَةُ) قطعةٌ من (الكَلِم)(٢) كما أنَّ (الفِدْرَةَ) قطعَةٌ من اللحم(٣). والدليل على أنها جاءت غير مفيدة قولهم: ما نَبَسَ بِكَلِمَةٍ، ولا تَرَنَّمَ بكلمة، يُريدون ما قال شيئًا.
  و (سيبويه) استعمل الكلم فيما كان دالاً على معنى لا يكون مفيداً إذا لم يكُنْ مُرَكَّبا(٤). فإذا تَرَكَّبَ بَعْضُهُ مع بعض سَمَوهُ (كلاما)، ولم يُسموه (كَلِما)، نحو قولهم: زَيْد منطلق، وعَمْرُو خارج، وخرج بكر، وما أشبه ذلك. فهذا عندهم كلام، ولا يسمونه كلما، وإن كان في الحقيقة كلما(٥). هذا عُرفُ النَّحْويين وعليه موضوعهم.
  قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}(٦). ولم يَقُلْ: كَلِمَ اللهِ. وقال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}(٧).
  فَإِنْ قالَ قائل: الكَلِمَةُ(٨) مُسْتَعْمَلَةٌ في كلام العرب وهي مفيدة، ويراد بها
(١) (الكلم): اسم جنس جمعي، وهو غير بعيد من معنى الجمع.
(٢) في (ع): (من الكلام)، وهو سهو.
(٣) لا أرى وجه شبه واضح في كلامه هذا.
(٤) الكتاب: ١/ ٢.
(٥) هذا إذا نظرنا إليه مفرقا دون تركيب.
(٦) التوبة: (٦).
(٧) الفتح (١٥).
(٨) في الأصل: (الكلم)، وهو تحريف والتصويب من (ع).