البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب التصغير

صفحة 648 - الجزء 1

  الناب من الإنسان مذكر، والنّابُ: المُسنَّةُ من الإبل، قيل لطول نابها فَشُبِّهت بناب الإنسان فغلب التذكير. وقالوا في حَرْب: حُرَيْب؛ لأن الحرب مصدر، فصار مثل العدل، والأصل فيها حاربَةٌ، كما (عَدْلٌ) في معنى (عادلة).

  قال: «فإن تجاوز المؤنث ثلاثة أحرف، لم تلحقه تاء التأنيث لطول الاسم بالحرف الرابع، تقول في عناق: عُنيق، وفي عُقاب: عُقَيْبٌ، وفِي زَيْنَب: زيين، إلا أنهم قالوا في وراء: ورَيْئةً، وفي قُدَامِ: قَدَيْدِمَةٌ، وفي أمامٍ: أَمَيِّمَةٌ، قال (القُطامي)⁣(⁣١):

  ٢٤١ - قُدَيْدِمَةُ التَّجْرِيبِ وَالحِلْمٍ إِنَّني ... أرى غَفَلَاتِ العَيْشِ قَبْلَ التَّجَارُبِ.

  اعلم أن كثرة الحروف في هذه الأسماء الرباعية أحدثت فيه ثقلاً، فأقاموا الحرف الرابع مقام تاء التأنيث؛ فلهذه العلة لا تدخله تاء التأنيث.

  فأما وَراء، وقُدام، وأمام فوجه إلحاق النّاء فيه أن هذه الألفاظ لا يُخبر عنها بفعل يَبينُ تَأْنيثُها فيه؛ لأنّها ظروف كـ (خَلْفَ). وإنّما يظهر تأنيث المؤنث الذي لا علامة لتأنيثه بما يُخْبَرُ عنه من الأفعال، نحو قولهم: لَسَبَتْهُ العَقْرَبُ⁣(⁣٢)، وَعَمِرَت الدار⁣(⁣٣)، وهذه دار مُبارَكَةٌ، وهذه عَقْرَب، فلمّا لم يُخْبِروا⁣(⁣٤) عن وَرَاء وَقُدَامٍ وَأَمام بما يظهر فيه علامة التأنيث ألحقوا فيه تاء التأنيث؛ لِيُعْلَمَ أنه هو الأصل.


(١) في (ع): (قال الشاعر).

٢٤١ - البيت من الطويل.

وهو في ديوانه: ٤٤، والمقتضب: ٢/ ٢٧٢، ٤/ ٤١، والجمل: ٢٥١، وما ينصرف وما لا ينصرف: ٧٠، والتبصرة: ٢/ ٦١٩، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري: ٣٧٧، واللسان والتاج: (قدم). وصدره في أمالي ابن الشجري: ٢/ ١٥٥.

(٢) لسبته: لدغته.

(٣) في (ع) ضبطت: (عَمَرْتُ الدار)، وهو خطا.

(٤) في (ع): (لم يخبر).