البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب ما يدخل في الكلام فلا يغيره

صفحة 684 - الجزء 1

  المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، والدليل عليه قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٦}⁣(⁣١) ولو كانت مُؤَثَّرَةٌ عملاً لما وقع الفعل بعدها؛ لأنّها إنما تعمل في الأسماء بمشابهتها للأفعال، والفعل لا يدخل على فعل أو مُشابه للفعل.

  فأما (لَيْتَما) خاصة فإنهم / رجحوه بالعمل⁣(⁣٢)، وجعلوا (ما) فيها غير كافة لما فيها من معنى التَّمنّي وغلبة الفعل، وكَأَنَّهُمْ⁣(⁣٣) تبعوا فيه ما سُمِعَ. وكان (ابن السراج)⁣(⁣٤) لا يُفَرِّقُ بين شيء منها، ويقول: الإنسانُ مُخَيَّر بين إعمال الجميع وإلغاء الجميع، فَمَنْ أَعْمَلَ الكل جعل (ما) زائدةٌ مُلغاة دخولها كخروجها لا يُغَيرُ إعراباً عنده، تقول: إنما زيداً منطلق، وكذلك سائر أخواتها. ومن أبطل عملها جعل (ما) كافة للعمل، وبنى (إِنَّ) معها فيبطل شبهها للفعل فيقول: إنّما زيد منطلق. قال في الأصول⁣(⁣٥): فـ (إِنّما) هاهنا بمنزلة فعل مُلْغى، مثل: أَشْهَدُ لَزَيْدٌ خَيْرٌ مِنْكَ. انتهى قوله.

  ومن الدليل على إبطال العمل قول (ابنِ كُراع):

  ٢٦٣ - تحلل⁣(⁣٦) وعالج ذاتَ نَفْسِكَ وَانْظُرْنَ ... أبا جُعَل لَعَلَّما أَنْتَ حَالِمُ


(١) الأنفال: (٦).

(٢) في (ع): (بعمل).

(٣) في الأصل: (وكلهم)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٤) الأصول: ١/ ٢٨١.

(٥) الأصول: ١/ ٢٨١.

٢٦٣ - البيت من الطويل.

وهو في سيبويه: ١/ ٢٨٣، ومعاني الحروف للرماني: ٨٩، والتبصرة: ١/ ٢١٥، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٢٤١، وابن يعيش: ٨/ ٥٤، ٥٨. وعجزه في ابن يعيش: ٨/ ١٣١.

(٦) في (ع): (تخلل) بالخاء، وهو تصحيف.