باب ما يدخل في الكلام فلا يغيره
  المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، والدليل عليه قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٦}(١) ولو كانت مُؤَثَّرَةٌ عملاً لما وقع الفعل بعدها؛ لأنّها إنما تعمل في الأسماء بمشابهتها للأفعال، والفعل لا يدخل على فعل أو مُشابه للفعل.
  فأما (لَيْتَما) خاصة فإنهم / رجحوه بالعمل(٢)، وجعلوا (ما) فيها غير كافة لما فيها من معنى التَّمنّي وغلبة الفعل، وكَأَنَّهُمْ(٣) تبعوا فيه ما سُمِعَ. وكان (ابن السراج)(٤) لا يُفَرِّقُ بين شيء منها، ويقول: الإنسانُ مُخَيَّر بين إعمال الجميع وإلغاء الجميع، فَمَنْ أَعْمَلَ الكل جعل (ما) زائدةٌ مُلغاة دخولها كخروجها لا يُغَيرُ إعراباً عنده، تقول: إنما زيداً منطلق، وكذلك سائر أخواتها. ومن أبطل عملها جعل (ما) كافة للعمل، وبنى (إِنَّ) معها فيبطل شبهها للفعل فيقول: إنّما زيد منطلق. قال في الأصول(٥): فـ (إِنّما) هاهنا بمنزلة فعل مُلْغى، مثل: أَشْهَدُ لَزَيْدٌ خَيْرٌ مِنْكَ. انتهى قوله.
  ومن الدليل على إبطال العمل قول (ابنِ كُراع):
  ٢٦٣ - تحلل(٦) وعالج ذاتَ نَفْسِكَ وَانْظُرْنَ ... أبا جُعَل لَعَلَّما أَنْتَ حَالِمُ
(١) الأنفال: (٦).
(٢) في (ع): (بعمل).
(٣) في الأصل: (وكلهم)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٤) الأصول: ١/ ٢٨١.
(٥) الأصول: ١/ ٢٨١.
٢٦٣ - البيت من الطويل.
وهو في سيبويه: ١/ ٢٨٣، ومعاني الحروف للرماني: ٨٩، والتبصرة: ١/ ٢١٥، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٢٤١، وابن يعيش: ٨/ ٥٤، ٥٨. وعجزه في ابن يعيش: ٨/ ١٣١.
(٦) في (ع): (تخلل) بالخاء، وهو تصحيف.