باب ما يدخل في الكلام فلا يغيره
  قال الخليل(١): (إنّما) غير عاملة فيما بعدها، كما(٢) أن (أرى) إذا كانت لغواً لم تعمل، ونظير (إنما) قول (المرار):
  ٢٦٤ - أَعَلاقَةً أُمَّ الوليدِ بَعْدَما ... أَفْنانُ رَأْسِكَ كَالنَّعَامِ المُخْلِسِ
  جعل (بعد) مع (ما) بمنزلة حرف واحد وابتدأ الكلام بعده. فإذا قلنا: إنّما زيد منطلق فالجملة مبتدأ وخبره(٣) على ما مضى، ودخلت (إنما) مؤكدة غير مؤثرة.
  وقال قوم: دخلت (إنّما) لتحقيق المتصل، وتمحيق المنفصل، يريدون أنّها تُثبت ما يليها، وتنفي ما عداه كقوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}(٤)، وقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥}(٥) ومعاني أخواتها باق في الجمل التي يدخُلْنَ عليها، وإن كن غير عاملات.
  فأما (لَيْتَما) فَمَنْ رفع بعدها (الحَمامَ) فالرفع من وجهين أحدهما: ماقدمناه من الكف.
(١) سيبويه: ١/ ٤٦٦.
(٢) في الأصل: (فكما) بإقحام الفاء. والتصويب من (ع).
٢٦٤ - البيت من الكامل. وهو في سيبويه: ١/ ٦٠، وإصلاح المنطق: ٤٥، والمقتضب: ٢/ ٥٣، والكامل: ١/ ٣٤٢، والأصول: ١١/ ٢٨٣، ٢/ ٢٦٨، ومعاني الحروف للرماني: ١٥٦، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٢٤٢، وابن يعيش: ٨/ ١٣١، ١٣٤، والمقرب: ١/ ١٢٩، وشرح الكافية الشافية: ٢/ ١٠٢٦، والخزانة: ٤/ ٤٩٣، والمغني: ٣٤٤، والهمع: ١/ ٢١٠، أفنان الرأس: خصل شعره، والثغام: شجر إذا يبس ابيض. المخلس: ما اختلط فيه البياض بالسواد. العلاقة: أن يعلق الحب بالقلب.
(٣) في (ع): (وخير).
(٤) النساء: (١٧١).
(٥) المائدة: (٥٥). وفي (ع) اقتصر بالشاهد على قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ... وَالَّذِينَ آمَنُوا} ثم قال بعدها: (الآية).