البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الحكاية

صفحة 692 - الجزء 1

  كان الاسم العلم شاملاً لجميع ما في الإنسان إذا ذكر عرف جميع ما فيه. فإن قيل فكان: يجب أن لا توصف الأعلام؛ لأنّها بذكرها تُغني عن الصفة على هذا القول. قيل له: إنّما تصفها إذا أُشْرِكَ الاسم مع غيره في التسمية فيميز بينهما بالصفة، نحو: زيد وزيد، وأحدهما قصير والآخر طويل أو كريم وبخيل⁣(⁣١) وما أشبه ذلك، وقد مضى بيان ذلك فيما تقدم فإذا قال قائل: جاءَنِي زَيْدٌ، قلت له: مَنْ زَيَّدٌ؟ فـ (من) إن شئت جعلته مبتدأ، وإن شئت جعلته خبر مبتدأ مقدمًا⁣(⁣٢)، و (زيد) إن شئت جعلته خبر مبتدأ، وإن شئت جعلته مبتدأ مؤخراً، ولفظه رفع حكايةً للفاعل في فعل (جاءَني) وليست ضمته ضمّة المبتدأ ولا خبر المبتدأ، وإنما هو حكاية على ما ذكرت لك. وإذا قال: رَأَيْتُ زَيْداً، قلت: مَنْ زَيَّداً؟ فحكيت قوله: وقد سد مسد الخبر أو المبتدأ⁣(⁣٣) على أحد الأمرين. وكذلك⁣(⁣٤) إذا قال: مررتُ بزيد، قلت: مَنْ زَيَّد؟ فلفظه مجرور حكاية لقول القائل، وموضعه رفع على ما تقدم. فإذا قال: جاءَني أبو محمد، قلت: مَنْ أَبُو مُحَمَّد؟ وَلَقيتُ أَبا مُحَمَّد قلت: مَنْ أَبَا مُحَمَّدٍ؟ وَمَرَرْتُ بِأَبِي مُحَمَّدٍ، قلت: مَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ⁣(⁣٥)، فتجيء بالواو والياء والألف؛ لأنّه ليس معك ما يدل على الإعراب غيرها ولو قلت في الجميع: مَنْ أبو مُحَمَّدٍ، لكان جيداً، كما أن لك أن تقول في جميع⁣(⁣٦) الأعلام في الرفع والنصب والجر: مَنْ زَيَّد؟ وهو الأصل؛ لأن الكلام متى خرج عن الأعلام اتفق الكلّ على الرفع نحو قولهم: مَنْ غُلامَكَ؟ وَمَنْ أخوك؟ وما أشبه ذلك.


(١) في (ع): (أو بخيل).

(٢) في (ع): (مُقدم) بالرفع وهو خطأ.

(٣) في (ع): (والمبتدأ ...) وهو تحريف.

(٤) في (ع): (فكذلك).

(٥) (ولقيت أبا محمد ... من أبي محمد): ساقط من (ع).

(٦) في الأصل (جمع)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).