باب الحكاية
  فإن قيل: فقد جاءت هذه العلامة مع الوصل في قول الشاعر(١):
  ٢٦٧ - أتوا ناري، فَقُلْتُ: مَنونَ أَنْتُمْ؟ ... فقالوا: الجن، قُلْتُ: عموا ظَلاما
  قيل له: هذا من ضرورة الشعر، وإنّما أراد الوقف ثم وصل، والضرورة لا يقاس عليها.
  فأما إذا سألت بـ (أي) فإنّك تُعربُها في الوصل والوقف؛ لأنها معربة على ما تقدم بيانه. فإذا قال قائل: لقيتُ [رجلاً](٢)، قلت: أيَّا، فتنصبها، وهي في موضع رفع على أنها خبر ابتداء، أو مبتدأ وخبره محذوف، وهي على هذا حكاية لما في كلام المسؤول، كما تقول - إذا قال: لقيت زيداً - مَنْ زَيَّدًا؟ فـ (زيدا) حكاية لكلامه، وموضعه رفع. وكذلك إذا قال: جاءني رجل قلت: أَيُّ، ومررت برجل، قلت: أي نصب حكاية لكلامه، وموضعها رفع، فإن وصلت قلت: أيا يا فتي؟ وأي يا فتي؟ وأي يا فتى(٣)؟ ومنهم من يقول إن (أيا) في حال الرفع هي مرفوعة بالخبر لا على سبيل الحكاية قال: لأنك لو أظهرت الخبر لم تكن إلا مرفوعة فكذلك إذا حذفته، وهذا قول (المبرد)(٤).
  فإن قيل فكيف اكتفوا في النكرة بذكر أحد الجزأين، وحذفوا الآخر، ولم يكتفوا في المعرفة إلا بذكرهما جميعا؟ قيل له: لما كان السؤال عن النكرة
(١) هو سمير أو شمير بن الحارث الضبي. انظر الخزانة والمقاصد.
٢٦٧ - البيت من الوافر.
وهو في سيبويه: ١/ ٤٠٢، والنوادر: ٣٨٠، والمقتضب: ٢/ ٣٠٦، والحيوان: ١/ ١٧٦، ٣٢٨، ٦/ ١٩٧، ومعاني الحروف للرماني: ١٥٩، والخصائص: ١/ ١٢٩، والتبصرة: ١/ ٤٧٨، وابن يعيش: ٤/ ١٦، والمقرب: ١/ ٣٠٠، والخزانة: ٢/ ٣، والمقاصد: ٤/ ٤٩٨، وشرح الكافية الشافية: ٤/ ١٧١٨، واللسان: (سرا). وصدره في الهمع: ٢/ ١٥٧، ٢١١.
(٢) تكملة من (ع).
(٣) (وأي يا فتي؟ وأي يا فتي؟): ساقط من (ع).
(٤) المقتضب: ٢/ ٣٠٣.