البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

الفصل الثالث توثيق الكتاب

صفحة 18 - الجزء 1

  فتقول: ما قام زيد، فتحدث (ما) نفياً بعد أن كان الكلام واجبا، وقد يكون لكل واحد من الحروف معنى، فإذا تركب مع غيره صار لهما معنى ثالث، نحو قَوْلِكَ: (لو) هي لا متناع الشيء لامتناع غيره، فإذا دخلت عليها (لا)، و (لا) للنفي صار المعنى لامتناع الشَّيء لوجود غيره، وهذه المعاني⁣(⁣١) تكثر، ويطول الكلام⁣(⁣٢) باستقصائها، وهذا القدر يدلُّ على غيره، فقس عليه، إن شاء الله.

  فأما (هَلْ) فإنَّها تدخل على الأسماء وعلى الأفعال، نحو قولنا: هل زيد خارج؟ وهل خرج زيد؟ فَتُحدث في الجملتين الاستفهام بعد الخبر، ولا يتغير الكلام عما كان عليه. وقد تكون بمعنى (قد)، نحو قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}⁣(⁣٣) المعنى – والله أعلم - قد أتى.

  وأما (بَلْ) فإنَّها⁣(⁣٤) لتحقيق الثاني، وقد تكون إضرابا عن الأول / وقد لا تكون إضرابا عن الأول⁣(⁣٥)، وهي حرف من حروف العطف.

  وأمَّا (قد) فإنَّها للتَّوقع⁣(⁣٦) وتقريب الحال، وهي مُختصة بالدخول على الأفعال، ويُحكى أنَّ أعرابيا سأل عن الأمير فقيل له: قد ركبَ، فَعَدا. وهذا يدلُّ على أنَّهُ قد فَهِمَ قُرْبَ رُكوبه لما قيل له: (قَدْ) فاعلم ذلك.


(١) في الأصل: (المعنى)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٢) في (ع): (الكتاب).

(٣) الإنسان: (١).

(٤) في (ع): (فلأنها).

(٥) (عن الأول): ساقط من (ع).

(٦) في (ع): (للتوقيع)، وهو تحريف.