الفصل الثالث توثيق الكتاب
  فتقول: ما قام زيد، فتحدث (ما) نفياً بعد أن كان الكلام واجبا، وقد يكون لكل واحد من الحروف معنى، فإذا تركب مع غيره صار لهما معنى ثالث، نحو قَوْلِكَ: (لو) هي لا متناع الشيء لامتناع غيره، فإذا دخلت عليها (لا)، و (لا) للنفي صار المعنى لامتناع الشَّيء لوجود غيره، وهذه المعاني(١) تكثر، ويطول الكلام(٢) باستقصائها، وهذا القدر يدلُّ على غيره، فقس عليه، إن شاء الله.
  فأما (هَلْ) فإنَّها تدخل على الأسماء وعلى الأفعال، نحو قولنا: هل زيد خارج؟ وهل خرج زيد؟ فَتُحدث في الجملتين الاستفهام بعد الخبر، ولا يتغير الكلام عما كان عليه. وقد تكون بمعنى (قد)، نحو قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}(٣) المعنى – والله أعلم - قد أتى.
  وأما (بَلْ) فإنَّها(٤) لتحقيق الثاني، وقد تكون إضرابا عن الأول / وقد لا تكون إضرابا عن الأول(٥)، وهي حرف من حروف العطف.
  وأمَّا (قد) فإنَّها للتَّوقع(٦) وتقريب الحال، وهي مُختصة بالدخول على الأفعال، ويُحكى أنَّ أعرابيا سأل عن الأمير فقيل له: قد ركبَ، فَعَدا. وهذا يدلُّ على أنَّهُ قد فَهِمَ قُرْبَ رُكوبه لما قيل له: (قَدْ) فاعلم ذلك.
(١) في الأصل: (المعنى)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) في (ع): (الكتاب).
(٣) الإنسان: (١).
(٤) في (ع): (فلأنها).
(٥) (عن الأول): ساقط من (ع).
(٦) في (ع): (للتوقيع)، وهو تحريف.