فصل: في الحاكم
الْبَحْثُ الثَّالثُ فِي الْأَحْكَامِ
فَصْلٌ: فِي الْحَاكِمِ
  الْحَاكِمُ: الشَّرْعُ اتِّفَاقًا، وَالْعَقْلُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ طُرًّا يَجْزِمُونَ بِقُبْحِ الظُّلْمِ وَالْكَذِبِ الضَّارِّ، وَيَذُمُّونَ عَلَيْهِ، وَ لَيْسَ ذَلِكَ بِالشَّرْعِ؛ إِذْ يَقُولُ بِهِ الْمُتَشَرِّعُ وَغَيْرُهُ، وَلَا الْعُرْفِ؛ لاِخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ، وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ.
  وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَقْلِيًّا لَحَسُنَ مِنْهُ تَعَالَى الْكَذِبُ، وَخَلْقُ الْمُعْجِزِ عَلَى يَدِ الْكَاذِبِ، وَلَجَازَ التَّعَاكُسُ.
  قَالُوا: الْعَبْدُ مَجْبُورٌ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى مُرََجِّحٍٍ فَاتِّفَاقِيٌّ، وَإِلَّا عَادَ التَّقْسِيمُ.
  وَرُدَّ بمُقَابَلَتِهِ الضَّرُورَةَ، وَجُرِيِّهِ فِي أَفْعَالِ اللهِ تَعَالَى، وَنَفْيِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الشَّرْعِيَّيْنِ، ثُمَّ الْمُرَجِّحُ الْإِرَادَةُ.
  قَالُوا: لَوْ كَانَ قَبِيحًا لَقَامَ الْمَعْنَى بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ؛ لِتَعَقُّلِ الذَّاتِ دُونَهُ، مَوْجُودٌ؛ لِأَنَّهُ نَقِيضُ اللَّاقُبْحِ الْقَائِمِ بِالْمَعْدُومِ.
  وَرُدَّ: بِجُرِيِّهِ فِي الشَّرْعِيِّ. وَالْحُدُوثِ.
  وَبِمَنْعِ الْأُولَى؛ فَإِنَّ نَقِيضَ الْعَدَمِيِّ لَا يَجِبُ وُجُودُهُ، وَارْتِفَاعُ النَّقِيضَيْنِ إِنَّمَا يَسْتَحِيلُ فِي الْصِّدْقِ، وَمَنْعِ الثَّانِيَةِ.