المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

أحكام التقاء الساكنين

صفحة 218 - الجزء 1

  (فإن خولف) هذا الأصل (فلعارض) يوجب أو يرجح أو يجوِّز المخالفة، (كوجوب الضم في ميم الجمع) إذا لقيها ساكن آخر، نحو: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}⁣[فاطر: ١٥] و {بِهِمُ الْأَسْبَابُ ١٦٦}⁣[البقرة]، وذلك العارضُ قصدُ التحريك بحركتها الأصلية، وهي الضمة؛ إذ الأصل: أنتمو، وبهمو، لكن حذفت الواو وأسكنت الميم للتخفيف.

  قال الرضي: ليس ضم ميم الجمع واجباً إذا لقيها ساكن على الإطلاق، بل إذا لم تكن بعد هاء مكسورة نحو: {بِهِمُ الْأَسْبَابُ}، فإن كانت فالأشهر الكسر، كقراءة أبي عمر: {بهمِ الأسبابُ}، وباقي القراء على خلاف المشهور.

  (ومُذْ) فإنها تضم ذاله إذا لقيه ساكنٌ، نحو: مُذُ اليوم؛ إما لأن أصله الضم لكونه منقوصاً من منذ على ما قال النحاة، وإما لإتباع الذال الميم.

  قال الرضي: ليس ضم ذالها واجباً كما قال المصنف، نعم، هو أكثر من الكسر⁣(⁣١).

  وكاختيار الفتح في نحو: (ألم الله)؛ كراهة توالي الثقلاء لو كُسر؛ إذ قبل الميم ياء وكسرة، وأيضاً ليحصل التفخيم في لام الله؛ إذ هي تفخم بعد الفتح والضم، وترقق بعد الكسر. وهذا مبني على أن تحريك الميم بالفتحة⁣(⁣٢) لالتقاء الساكنين، لا لنقل حركة الهمزة، كما تقدم.

  وكأن المراد بنحوها: ما لو قيل في التعداد: زيد، عمرو، وجيم، ميم الله، أو ميم جيم الله.

  وأشار بقوله: «اختيار الفتح» إلى ما أجازه الأخفش من الكسر فيه، قال نجم


(١) عبارة الرضي: لا يجب ضم ذال «مذ» كما ذكر المصنف، بل ضمها للساكنين أكثر من الكسر: إما لأن أصلها الضم على ما قيل من كونها في الأصل منذ، وإما لإتباع الذال للميم، وإما لكونه كالغايات كما مر في بابه. تمت. ج ٢/ ٢٤١.

(٢) قال الرضي: واختلف في هذه الفتحة، والأقرب - كما قال جار الله - أنها فتحة همزة الله نقلت إلى الميم، كما قلنا في: ثلاثة أربعة، وقال بعضهم: هي لإزالة الساكنين. تمت ..