[الابتداء]
  والصحيح - المصحح روايته عن سيبويه - أنها التي حذفت للتنوين ردت في حال الوقف؛ لزوال الساكن الأخير الذي أوجب ملاقاته حذفها، وهو التنوين؛ لأن الألف أخف من كل خفيف، فاعتبر زوال التنوين مع عروضه، لأن اعتباره(١) يؤدي إلى كون الوقف على أخف ما يكون.
  ويدل على كونها لام الكلمة في الأحوال الثلاثة: أنها جاءت روياً في النصب، قال [الرجز]:
  رب ضيف طرق الحي سرى ... صادف زاداً وحديثاً ما اشتهى
  إن الحديث جانبٌ من القِرى(٢)
  ولا يجوز: «زيداً» مع «مَحْيَا ومولى»؛ لما ثبت في علم القوافي. وأيضاً فإنها تمال في النصب، كقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥]، وتكتب(٣) ياء، وألف التنوين بعيدة من مثل هذه الأشياء. وقيل: بدل عن التنوين في الأحوال الثلاث؛ لوقوعها(٤) بعد الفتحة في الوقف، كما تقلبها في
(١) جواب سؤال، كأنه قيل: كيف اعتبرتم زوال التنوين هنا مع كونه عارضاً وأرجعتم الألف المحذوفة ولم تعتبروا زواله في نحو: قاض حيث لم ترجعوا الياء المحذوفة وتقفوا عليها كما فعلتم هنا كما سيأتي؟ فأجاب بقوله: لأن اعتباره ... إلخ. تمت.
(٢) استدل بالبيت على كون الألف في المقصور لام الكلمة في الأحوال الثلاثة؛ لأنها جاءت روياً في النصب، فألف «سرى» لام الكلمة، لا أنها بدل من التنوين للوقف؛ إذ لا يجوز أن تكون المبدلة روياً مع الألف الأصلية كألف «اشتهى والقرى»، كما لا يجوز أن يكون الروي «زيا» مع «مَحْيَا ومولى»، وسرى: جع سَُرْيَة - بضم السين وفتحها - أي: طروق سري، وقيل: إنه ظرف، أي: ليلاً. وقوله: «صادف» جواب رب، و «ما»: مصدرية ظرفية، وهذا الرجز للشماخ، في مدح عبدالله بن جعفر بن أبي طالب. تمت.
(٣) وأجيب بأن الإمالةَ والكتابةَ بالياء رأي من مذهبه كونها لام الكلمة؛ فلا ينتهض دليلاً على غيرهم. تمت. جاربردي.
وهذا الجواب ضعيف؛ لأن الإمالة مسموعة ممن لا يعرف المذاهب، كالنبي ÷ والعرب، والشماخ الشاعر العربي لا يعرف هذه العقيدة حتى يبني قافيته عليها في قوله: رب ضيف ... إلخ، والكتابة بالياء رسم المصحف، وهو أثر متبع وإن خالف اصطلاح أهل صناعة الخط. تمت. صديق
(٤) قال الجاربردي: وقال المازني: هي ألف التنوين في الأحوال الثلاث لأنهم إنما قلبوا التنوين في النصب ألفاً لوقوعه بعد الفتحة وتنوين مسمى وبابه في جميع الأحوال واقع بعد الفتحة فوجب قلبه ألفاً. تمت.