المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

المضارع

صفحة 79 - الجزء 1

  القياس أو الغالب وإن كان فصيحاً.

  (وأما قلى) بمعنى أبغض، حيث قيل في مضارعه: (يقلَى فعامرية) أي: ليست دليلاً على أنه قد تفتح عين المضارع إذا كان لام «فَعَل» ألفاً؛ إذ هي لغة ضعيفة منسوبة إلى بني عامر، والمشهور قَلَى يَقْلِي - بكسر العين - على القياس.

  فإن قيل: فقد قالوا: رَكَن يرْكَن كمنَع يمنَع ففتحوا مع غير حلقي.

  قلنا: أجاب المصنف عنه بقوله: (ورَكَن يركَن من التداخل) وذلك أنهم قالوا: رَكَن يركُنُ كقَتَل يَقْتُل، وركِنَ يركَن كشَرِب يشْرَب، فركب من اللغتين رَكَنَ يَرْكَن بفتحهما.

  ثم ذكر تخصيصاً لذلك العموم - أعني كون عين مضارع «فعَل» على أحد الوجهين - بقوله: ولزموا ... إلخ، أي: لزموا فيما سيذكر أحدَهما على التعيين قياساً مطرداً فقال: (ولزموا الضم) أي: ضم العين (في الأجوف بالواو) نحو: قال يقول (والمنقوص بها) نحو: غزا يغزو. (و) لزموا (الكسر فيهما) أي: في الأجوف والمنقوص (بالياء) نحو: باع يبيع، ورمى يرمي، وطوى يطوِي؛ حرصاً على بيان كون الفعل واوياً أو يائياً، إذ لو قالوا في قال: يقْوِل، وفي غزا: يغزِو - لوجب قلب واوي المضارعين ياءً؛ لما مر من أن بيان البنية عندهم أهم من بيان الواوي من اليائي، فكان يلتبس إذاً الواوي باليائي في الماضي والمضارع، ولهذا بعينه لزموا الكسر في الأجوف والناقص اليائيين؛ إذ لو قالوا في باع: يبيُع، وفي رمى: يرمُي - لوجب قلب اليائين واواً، فيلتبس في الماضي والمضارع.

  ولا أثر لكونه أجوف واوياً إذا كان منقوصاً بالياء نحو: طوى، بل يكسر.

  (ومن قال: طوَّحْت وأطْوَح) منه (وتوَّهتُ وأتْوَه) يعني أنهم قد قالوا: طوَّحت وطيَّحت، بمعنى أذهبت، وتوَّهت وتيَّهت، بمعنى حيَّرت، وأطوح وأتوه منه، وأطيح وأتيه منه، وقالوا أيضاً: طاح يطيح، وتاه يتيه. فمن قال: طيَّحت وتيهت فلا إشكال عليه في طاح يطيح وتاه يتيه؛ إذ هو كباع يبيع.