المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[سادسا: قصة معجزة الشجرة]

صفحة 142 - الجزء 1

  [سابعا: إظهار دعوته وما رافقها من معجزات]⁣(⁣١)

  ونزل على رسول الله: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}⁣[الحجر: ٩٤](⁣٢)، ثم نزل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}⁣[الشعراء: ٢١٤].


(١) أمر الله ø نبيه محمدا ÷ أن ينذر عشيرته الأقربين، أي الأدنين إليه، وأنه لا يخلص أحدا منهم إلّا إيمانه بالله ø، وقد تعددت الروايات فيما صنع رسول الله ÷ بعد نزول الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، ومن ذلك ما روي عن البراء قال: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} جمع رسول الله ÷ بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس، فأمر عليا برجل شاة فأدمها، ثم قال: «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا بسم الله فشرب القوم حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال: «هذا ما أسحركم به الرجل! فسكت النبي ÷ يومئذ، فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله ø والبشير لما يجيء به أحدكم، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يؤاخيني منكم ويوازرني؟ ويكون وليي ووصي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: أنا، فقال: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطلع ابنك فقد أمّرك عليك»، وقد أخرج الطبري في تفسيره (٩/ ٤٨٠ - ٤٨٥)، أحاديث عدة حول الموضوع وعن عدة، وذلك من الرواية (٢٦٧٨٦) وحتى (٢٦٨١٢)، كما أخرج الخازن في تفسيره (٣/ ٣٣٢ - ٣٣٣) رواية في ذلك عن علي #، كما أورد ابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٧٨ - ٥٨٢) عدة روايات حول ذلك، وأخرج الحسكاني في شواهد التنزيل شيئا من ذلك (١/ ٣٧١ - ٣٧٣)، (٤٢٠ - ٤٢٤)، كما أخرج الطبري في سيرة الرسول ÷ في تاريخه (٢/ ٣١٩) (ط الحديث مصر)، رواية في ذلك، وكذا صاحب كنز العمال الحديث (٢٨٦)، من باب الفضائل (١٥/ ١٠٠) (ط) (٢)، وكذا ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمير المؤمنين حديث (١٣٢) وتواليه بطرق سبعة، وكذا رواه الطوسي في تفسيره مجمع البيان (٧/ ٢٠٦)، وأورد الثعالبي في تفسيره شيئا كثيرا من ذلك، والنسائي في الحديث (٦٣) في كتاب الخصائص (ص ٨٦)، وكذا ابن مردويه وأبو حاتم وأبو نعيم والبيهقي في السنن الكبرى، ودلائل النبوة بصورة مفصلة، كما أورد النسائي في تفسيره (٢/ ١٣٧ - ١٤٠) أربع روايات حول ما صنع ÷ بعد نزول الآية السابقة، والنسائي أيضا في سننه كتاب الوصايا (٩٨٢، ٣٦٤٤، ٣٦٤٥)، (٩٧٩٢٩٨٠) (٣٦٤٨)، تحفة الأشراف (١٧٢٣٠) (١٤٦٢٣، ٣٦٥٢، ٥٤٧٦، ١١٠٦٦، ٩٤٩٧)، الترمذي في جامعه (٣١٨٤)، ٣١٨٥)، وصحيح مسلم (٢٠٧/ ٣٥٣، ٣٥٤)، (٢٠٤/ ٣٤٨ - ٣٤٩) (٣٥٠/ ٢٠٥)، وأحمد في مسنده (٦/ ١٨٧)، السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٩٥)، النسائي في سننه الصغرى (٣٦٤٥)، صحيح البخاري (كتاب المناقب (٣٥٢٦)، ومجمع البيان (٥/ ١٨٧ - ١٨٩)، الخصائص الكبرى للسيوطي (١/ ١٢٣ - ١٢٤)، والبداية والنهاية (٣/ ٣٨) وما بعدها، دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٣١٦) وما بعدها، وسيرة ابن إسحاق (١٢٦) وما بعدها، منتخب كنز العمال (٤/ ٦٥٤) وما بعدها ومصادر أخرى عديدة.

(٢) معنى فاصدع: أي أظهر وأعلن وصرّح بما أمرت به غير خائف، وهذا عن ابن عباس وابن جريج، ومجاهد، وابن زيد، وقيل: معناه: فافرق بين الحق والباطل بما أمرت به، وهذا عن الجبائي والأخفش، انظر تفسير الخازن (٣/ ٦٣ - ٦٥)، تفسير الطبرسي (٤/ ٤٥ - ٤٧)، الخصائص للسيوطي (١/ ١٢٣)، دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٣١٦)، تفسير الطبري (٧/ ٥٤٧ - ٥٥٠)، قال ابن عباس: قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} هو من المنسوخ، وقد نسخ بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، وعن الضحاك في قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} و {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ}⁣[الجاثية: ١٤]، وهذا النحو كله في القرآن أمر الله تعالى ذكره نبيه ÷ أن يكون ذلك منه، ثم أمره بالقتال فنسخ ذلك كله فقال: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ}⁣[النساء: ٨٩ - ٩١] ... الآية. تفسير الطبري (٧/ ٥٥٠).