[سماعه صوت خفي بمكة]
  وأبهاهم من بعيد، أجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم ينحدرن، ربعة، لا يشنأ من طول، ولا تقحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، وهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا(١) لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا معتد(٢).
  قال أبو معبد: فهو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا(٣).
[سماعه صوت خفي بمكة]
  وأصبح صوت بمكة عاليا، يسمعون الصوت ولا يرون(٤) من صاحبه:
(١) نهاية الصفحة [٥٥ - أ].
(٢) ظاهر الوضاءة: أي ظاهر الجمال، وقولها: أبلج الوجه: أي مشرق الوجه مضيئه، قولها: «لم يعبه نحله» النحل: الدقة والضمر، وقولها: «ولم يزريه صقله» الصقل: منقطع الأضلاع، والصقلة: الخاصرة، والمراد أنه صرب ليس بمنتفخ، ولا ناحل، ويروى: «لم تعبه نحلة ولم تزد به صعلة»، والثجلة: عظم البطن واسترخاء أسفله، والصعلة: صغر الرأس، وهي أيضا: الدقة والنحول في البدن، والمراد أنه لم يكن منتفخ الخاصرة جدا، ولا ناحلا جدا، كما يروى بالسين على الإبدال من الصاد. قال أبو ذر الخشني: الصقلة: جلد الخاصرة، والمراد: أنه ناعم الجسم ضامر الخاصرة، وهو من الأوصاف الحسنة، والوسيم: الحسن الوضيء، وكذلك القسيم، والدعج: السواد في العين وغيره وقولها: «في أشفاره عطف» قال القتيبي: سألت عنه الرياشي فقال: لا أعرف العطف وأحسبه غطف، بالغين المعجمة، وهو أن تطول للأشفار ثم تنعطف، والعطف أيضا - إن كان هو المحفوظ - شبيه بذلك وهو انعطاف الأشفار، وفي رواية: «وفي أشفاره وطف»، وهو الطول، وقولها: «في عنقه سطح» أي طول، «إن تكلم سما» تريد علا برأسه، وقولها في وصف منطقه: «فصل لا نزر ولا هذر» تريد أنه وسط ليس بقليل ولا كثير، وقولها: «لا بأس من طول» يحتمل أن يكون معناه: أنه ليس بالطويل الذي يؤيس مباريه عن مطاولته، ويحتمل أن يكون تصحيفا وأحسبه «لا بائن من طول»، وقولها: «لا تقتحمه عين من قصر» أي لا تحتقره ولا تزدريه، محفود: مخدوم، محشود: هو من قولك حشدت لفلان، في كذا: إذا أردت أنك أعددت له وجمعت، وقال غيره: المحشود: المحفوف، وحشده أصحابه: أطافوا به، وقولها: «لا عابس» تريد لا عابس الوجه ولا متغير من الغذاء وهو الظلم، وقول الهاتف: «فتحلبت له بصريح» الصريح الخالص، والضرة لحم الضرع، «فغادرها رهنا لديها لحالب» يريد أنه خلف الشاة عندها مرتهنة بأن تدر، انظر: دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٢٨١)، وما بعدها نقلا عن أبي محمد القتيبي |.
(٣) انظر: دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٢٧٦ - ٢٧٩).
(٤) في (ب، ج): لا يدرون.