المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[رابعا: قصة الجمل]

صفحة 139 - الجزء 1

[رابعا: قصة الجمل]

  وأما الجمل فإنه أقبل إلى رسول اللهو ضرب بجرانه⁣(⁣١) الأرض ورغى وبكى ساجدا.

  فقال القوم: سجد لك الجمل نحن أحق أن نسجد لك.

  قال: «اسجدوا لله ø، ولو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»⁣(⁣٢)، جاءني يشكو أربابه»، فبعثني مع الجمل لأنصفه إذ أقبل صاحبه أعرابي فقال ÷: «ما بال هذا البعير يشكو أربابه»؟

  قال: يا رسول الله ما يقول؟

  قال: «يقول: انتجعتم عليه صغيرا حتى صار عودا كبيرا، ثم إنكم أردتم نحره».

  قال: والذي بعثك بالحق نبيا⁣(⁣٣) ما كذبك.

  قال: «يا أعرابي: إما أن تهبه لي وإما أن تبيعه مني».

  قال: يا رسول الله، أهبه لك. فكان الجمل يأتي علوفة الناس فيعتلف منها لا يمنعونه، فلما قبض رسول الله مات، فأمرت بدفنه⁣(⁣٤) كيلا تأكله السباع.


(١) جرن الثمر في الجرين، أي في المربد، ومن المجاز ضرب الإسلام بجرانه، أي ثبت واستقر، وهو من المجاز المنقول من الكناية من قولهم: ضرب البعير بجرانه. وألقى جرانه إذا برك، ويقال: ألقى فلان على هذا الأمر جرانه إذا وطن عليه نفسه. أساس البلاغة مادة (جرن).

(٢) أخرجه الترمذي في جامعة (٣/ ٤٦٥ ح / ١١٥٩)، وقال: حديث حسن، ولفظه: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، وخبر معجزة الجمل أيضا أخرجه صاحب المصنف أبو بكر بن أبي شيبة حديث (١١٨٠٢) وما بعده، في فضائل النبي من كتاب الفضائل (ج ١١/ ٤٨٨ ط (١)، وينظر الحديث (١١٧٦٨) (١١/ ٤٧٣)، والدارمي في سننه (حديث (١٨) من سننه (١/ ١١) أشار إليها البيهقي بأسانيد وبزيادات كثيرة في كتابه دلائل النبوة (٦/ ٢١، ٢٨ - ٣٠)، وأبو نعيم في دلائل النبوة (٣٢٥ - ٣٢٦)، وابن كثير في البداية والنهاية (٦/ ١٣٦)، ومجمع الزوائد (٩/ ٤، ٧ - ٨)، والسيوطي في الخصائص الكبرى (٢/ ٥٦)، وينظر أيضا ما رواه أحمد في مسنده (١/ ٤٦٢)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٣/ ١: ١٠٦)، وأبو نعيم عن الطيالسي في دلائل النبوة (١١٤)، وابن هشام في السيرة (٢/ ١٠٠) والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٤٩١).

(٣) في (أ، ج، د): والذي بعثك بالنبوة.

(٤) في (أ، ج، د): مات الجمل فأمرت بدفنه.