المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[خطبة أبي طالب في تزويج خديجة]

صفحة 126 - الجزء 1

[خطبة أبي طالب في تزويج خديجة]

  [١٣] أخبرنا⁣(⁣١) محمد بن جعفر القرداني قال: حدثنا محمد بن عبد الله الجبائي يرفعه عن جعفر بن محمد # قال: لما أراد رسول الله تزويج خديجة أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخلوا على ورقة بن نوفل، وأرسلوها فأظهرت رغبة، ولا طفت أباها حتى أجابها.

  فقال أبو طالب: الحمد لله⁣(⁣٢) رب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم، وذرية إسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا، ويخرج فينا نبيا خاتما آمنا به واتبعنا هديه، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به، ولا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه، ولا عدل له في الخلق، ولئن كان مقلا في المال فإن المال ورق حائل، وظل زائل، وهو بإذن الله كفء، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه كذلك، والصداق ما أرادت وشاءت⁣(⁣٣).

  فقالت خديجة: الصداق عليّ وفي مالي، فمر⁣(⁣٤) عمك فلينحر ناقة وليولم للناس بها.


(١) سند المؤلف إلى جعفر بن محمد # عن طريق محمد بن جعفر القرداني هو: أخبرنا محمد بن جعفر القرداني قال: حدثنا أحمد بن خالد، قال: حدثنا مسعد بن صدقة عن جعفر بن محمد. ولم نقف على سند للمؤلف عن القرداني عن محمد بن عبد الله الجبائي إلى الإمام جعفر الصادق.

(٢) نهاية الصفحة [٢٨ - أ].

(٣) في السيرة الحلبية (١/ ١٣٨ - ١٣٩) الخطبة هكذا: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضئ معدّ - أي معدنه، وعنصر مضر أي أصله - وجعلنا حضنة بيته - أي المتكفلين بشأنه - وسواس حرمه - أي القائمين بخدمته - وجعله لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا حكام الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلّا رجح به شرفا ونبلا وفضلا وعقلا، وإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، وعارية مسترجعة، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنتي عشرة أوقية ونشا).

(٤) قولها: (فمر عمك) التفات منها إلى خطبة النبي ÷، وكان مهرها: اثنتي عشرة أوقية ونشا، أي عشرون درهما، والأوقية أربعون درهما، وكانت الأواقي والنش من ذهب كما قاله المحب الطبري، وبذلك يكون جملة الصداق خمسمائة درهم شرعي، وقيل: أصدقها عشرين بكرة، وقد أولم عليها ÷ فنحر جزورا، وقيل: جزورين، وأطعم الناس، وأمرت خديجة بنت خويلد جواريها أن يرقصن ويضربن الدفوف، وفرح أبو طالب فرحا شديدا، وقال: (الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب، ودفع عنا الغموم)، وهي أول وليمة أولمها رسول الله ÷. انظر السيرة الحلبية (١/ ١٣٩).