المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[رواية أخرى في شق صدره صلى الله عليه وآله سلم]

صفحة 112 - الجزء 1

[رواية أخرى في شق صدره صلى الله عليه وآله سلم]⁣(⁣١)

  فلما كان يوما آخر إذ أنا بابني ضمرة يعدو باكيا ينادي: أدركا ... أدركا⁣(⁣٢) محمدا.

  قالت: قلت: وما قصته؟

  قال: ما أراكما تلحقانه إلّا ميتا.

  فأقبلت أنا وأبوه نسعى، فإذا به على ذروة الجبل شاخصا بعينيه نحو السماء.

  فقلت: فدتك نفسي ما لذي دهاك؟

  فقال: يا أماه خير، بينا أنا قائم مع إخوتي إذ أتاني رهط ثلاثة في يد أحدهم إبريق من فضة، وفي يد الثاني طشت من زمردة خضراء، فانطلقوا بي إلى ذروة الجبل فشقوا من صدري إلى عانتي فلم أجد ألما ولا حسا، وأخرجوا أحشائي وقلبي وغسلوها ثم أعادوها⁣(⁣٣) مكانها ثم جاء أحدهم فأمرّ يده من مفرقي إلى منتهى عانتي فالتأم، وانكبوا عليّ يقبلوني ويقبلون رأسي وما بين عيني.

  «قالت حليمة»⁣(⁣٤): فاحتملته إلى كاهن، فنظر إلى كفه وقال بأعلى صوته: يا للعرب يا للعرب أبشروا بشر قد اقترب، اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فإنه إن أدرك ليسفّهنّ أحلامكم وليكذّبن أديانكم⁣(⁣٥). فانتزعته من يده وأتيت به إلى منزلي. فقال الناس: ردّيه إلى عبد المطلب.

  فعزمت عليه، فسمعت مناديا ينادي: هنيئا لك يا بطحاء مكة وردك نور الأرض⁣(⁣٦) وبهاؤها وزينتها، فركبت وحملت النبي ÷ بين يديّ حتى أتيت باب مكة، فوضعته


(١) هذه الرواية أوردها السيوطي في الخصائص (١/ ٥٥ - ٥٦) مع بعض الاختلافات البسيطة، وأخرج البيهقي وابن عساكر من طريق محمد بن زكريا الغلابي عن يعقوب بن جعفر بن سليمان عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده، كما أوردها البيهقي في دلائل النبوة (١/ ١٣٩ - ١٤٠).

(٢) نهاية صفحة [١٩ - أ].

(٣) في (ج): وغسلوها فأعادوها».

(٤) ساقط في (ب، ج).

(٥) انظر: الأمالي الاثنينية (خ). إضافة إلى دلائل النبوة للبيهقي، والخصائص الكبرى للسيوطي، ودلائل النبوة لأبي نعيم.

(٦) في (أ، ب، ج): يا بطحاء مكة ورود نور الأرض.