[خطبته بعد وفاة والده #]
  الحدب عليكم، كان والله حريصا على إرشادكم طالبا لصلاحكم «مؤثرا لكم»(١)، حاملا لكم على ما فيه نجاتكم، داعيا لكم إلى ما يقربكم إلى الله، زاجرا لكم عما يبعدكم منه(٢)، حاكما فيكم بالعدل والقسط، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا عذل عاذل، على مثله فليكثر البكاء والأحزان، والندم والحسرة والأشجان(٣)، ولكن المرجع إلى الله ø في جميع الأحوال، والعمل بالتوبة والدعاء إليها والحث عليها أولى بنا وبكم، ولنا ولكم فيما نزل بنا من الأمر العظيم وحل بساحتنا من الفادح الجسيم أسوة برسول الله وبالأئمة الماضين من عترته À فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضاء بقضائه وتسليما لأمره، والموت سبيل الأولين وطريق الآخرين، وبذلك حكم على عباده رب العالمين، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو تبارك وتعالى خير الوارثين، ثم بكى بكاء شديدا وأنشأ يقول:
  يسهل ما ألقى من الوجد أنني ... مجاوره في داره اليوم أو غد
  وارتج البلد بالبكاء، وتكلم كل واحد منهم بمبلغ رأيه وعلمه(٤).
[خطبته بعد وفاة والده #]
  فلما هدأت الأصوات، وسكنت الأجراس، قال المرتضى - ¥: الحمد لله رب العالمين، ومالك يوم الدين، ونستعينه على شكر ما أصبحنا نتقلب فيه من نعمه التي لا تحصى، ونحمده على ما أصابنا من خير وبلوى، ونسأله الصلاة على سيد المرسلين، وإمام المتقين محمد النبي المصطفى وآله أجمعين، ثم إن الله جل وعز أمر أمورا، وفرض على خلقه فروضا، لم يرض منهم إلا بالعمل بها، والتسارع إلى ما فرض الله عليهم منها، وأرسل محمدا
(١) ساقط في (أ).
(٢) في (أ، د): عنه.
(٣) نهاية الصفحة [٣٧٠ - أ].
(٤) الخطبة في الحدائق الوردية (١/ ٢ / ٤٣ - ٤٤)، وبعد خطبة صاحب الترجمة بايعه الناس في غرة المحرم سنة ٢٩٩ هـ.