المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[وفاته ووصيته لأبي السرايا]

صفحة 527 - الجزء 1

  قال: ولّاني ظهره وخلع⁣(⁣١) سواده، والله لأهزمن جمعه، ولأخلعن سواده يعني جماعته وعزه.

  [٤٣] [أخبرنا أبو العباس الحسني قال: حدثنا أبو زيد العلوي عن أبي جعفر أحمد بن الحسين الكوفي] عن نصر بن مزاحم، عن يزيد بن موسى الجعفي قال: كنت مع العلاء بن المبارك، في الرابئين⁣(⁣٢) يوم القنطرة، فنظر إلى الناس يمرون إلى الكناسة⁣(⁣٣) إلى العسكر والوقعة، فقال لي: يا أبا خالد، أترى الله ينصر⁣(⁣٤) هؤلاء جميعا، أو يدفع بهم عن حريم⁣(⁣٥)، فما افترقنا من مجلسنا حتى رأيت الناس يتباشرون بالفتح، والرءوس على أطراف الرماح، وصدور الخيل.

[وفاته ووصيته لأبي السرايا]⁣(⁣٦)

  قال نصر بن مزاحم: رجع أبو السرايا والناس من الوقعة وقد طعن محمد # على خاصرته⁣(⁣٧)، وهو يجود بنفسه، فقعد عند رأسه، ثم قال: يا ابن رسول الله، إن كل حي ميت، وكل جديد بال، وهذا مقام فراق، ومحل وداع، فمرني بأمرك، وأودعني وصيتك.

  فقال #: أوصيك بتقوى الله، فإنها أحرز جنة، وأمنع عصمة، والصبر فإنه أفضل مفزع وأحمد معول، وأن تستتم الغضب لربك، وتدوم على منع دينك، وتحسن صحبة من استجاب لك، وولي الناس الخيرة لأنفسهم في من يقوم مقامي فيهم من آل علي # فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد الله بن الحسين، فإني قد بلوت دينه ورضيت طريقته، فارضوا به، واسكنوا إليه، وأحسنوا طاعته تحمدوا رأيه وبأسه.

  ثم اعتقل لسانه⁣(⁣٨) # وهدأت جوارحه فغمضه أبو السرايا وسجاه، وكتم أمره،


(١) في (أ): وخلع لي سواده.

(٢) الرابئين: لعله نهر بين واسط، وبغداد قرب النعمانية، وأظنها نهر قوسان، انظر معجم البلدان (٣/ ١٢٥).

(٣) بالضم، والكنس: كسح ما على وجه الأرض من القمام، والكناسة ملقي ذلك وهي بالكوفة، انظر: معجم البلدان (٤/ ٤٨٠).

(٤) نهاية الصفحة [٣١٩ - أ].

(٥) في (أ): ويدفع بهم عن حريم.

(٦) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٣٤). ومنه: الطبري (١٠/ ٢٢٧)، ابن الأثير (٦/ ١١٢).

(٧) في (ب، ج، د): في خاصرته.

(٨) في (أ): ثم انعقل.