المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[خبر في كون آباء النبي وأجداده على ملة إبراهيم $]

صفحة 170 - الجزء 1

[خبر في كون آباء النبي وأجداده على ملة إبراهيم $]⁣(⁣١)

  [٥٤] أخبرنا⁣(⁣٢) محمد بن جعفر بإسناده عن جعفر بن محمد⁣(⁣٣) قال: قال علي #: ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط.

  قيل: وما كانوا يعبدون؟

  قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم الخليل متمسكين به.


(١) اختلف علماء الإسلام حول آباء النبي وأجداده وفي صحة كونه كلهم مؤمنين أو موحدين، أو على ملة إبراهيم بالنسبة لمن بعده ومؤمنين وموحدين على ملة من قبله #، وقد ذهبت الإمامية إلى أن آباء النبي ÷ من آدم إلى عبد الله كلهم مؤمنون موحدون، بل وذهب أحد علمائهم أنهم كانوا من الصديقين، إما أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين، ولعل بعضهم لم يظهر الإسلام، لتقية أو لمصلحة دينية، وذهب الصدوق إلى أن آمنة أم النبي ÷ كانت مسلمة أيضا، وقال أبو حيان الأندلسي: (ذهبت الرافضة إلى أن آباء النبي ÷ كانوا مؤمنين)، أما غير الإمامية فذهب أكثرهم إلى كفر والدي النبي وغيرهما من آبائه ÷، وذهب بعضهم إلى إيمانهم، وممن صرح بإيمان عبد المطلب وغيره من آبائه ÷: المسعودي، واليعقوبي، وهو ظاهر كلام الماوردي، والرازي في كتابه (أسرار التنزيل)، والسنوسي، والنعماني (محشي الشفاء)، والسيوطي، وقد ألف هذا الأخير عدة رسائل لإثبات ذلك، ومن تلك الرسائل: مسالك الحنفاء، الدرج المنيفة في الآباء الشريفة ... إلخ، وقد طبعت تلك الرسائل في كتاب مستقل تحت عنوان: (الرسائل العشر)، وعلى عكس ذلك ألف البعض رسائل لإثبات كفرهم مثل إبراهيم الحلبي، وعلي القاري، والذي توسع في ذلك في كتابه شرح الفقه الأكبر، واتهموا السيوطي بأنه متساهل لا عبرة بكلامه، ما لم يوافقه كلام الأئمة الثقات، وما يهمنا هنا هو التنويه لبعض الأدلة حول ذلك وبشكل مختصر: ثبت عن رسول الله ÷ أنه قال: «لم يزل ينقلني ربي من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات حتى أخرجني في عالمكم ولم يدنسني بدنس الجاهلية»، كما يمكن الاستدلال على إيمان آبائه ÷ إلى إبراهيم # بقوله تعالى: {وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} وقوله تعالى: {وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ} أي في عقب إبراهيم # وقوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ} وقوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} أما ما عدا ذلك من الأدلة فقد استقصاها السيوطي في رسائله السالفة الذكر، وإذا ما أخذنا المسألة من ناحية أصولية فإنه يمكن القول أن حديث النبي ÷ «أنا خيار من خيار ...» والحديث: «ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء، ما ولدني إلا من نكاح كنكاح أهل الإسلام». أخرجه الطبراني في الكبير، والبيهقي في السنن عن ابن عباس، والحديث: «ما ولدتني بغي قط منذ خرجت من صلب آدم، ولم تنازعني في الأمم كابرا عن كابر حتى خرجت من أفضل حيين من العرب هاشم وزهرة» أخرجه ابن عساكر في التاريخ عن أبي هريرة، فإننا نجد أن هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا، وتفسير قوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ} وقوله تعالى: {وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، وقوله تعالى على لسان إبراهيم: {وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}، كل هذه أدلة تثبت أن رسول الله ÷ جاء من أعقاب طاهرة، انظر: أوائل المقالات (١٢)، تفسير الرازي (٢٤/ ١٧٣، ٤/ ١٠٣)، البحار (١٥/ ١١٧) وما بعدها، البداية والنهاية (٢/ ٢٨٠) وما بعدها، السيرة الحلبية (١/ ٣٠)، مجمع البيان (٤/ ٣٢٢)، الدر المنثور (٥/ ٩٨)، سيرة دحلان (١/ ١٨)، تاريخ الخميس (١/ ٢٣٤)، تفسير البحر المحيط (٧/ ٤٧)، الصحيح من سيرة الرسول (٢/ ١٨٦ - ١٩٥).

(٢) السند: أخبرنا محمد بن جعفر القرداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هاشم بن سالم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين، قال: قال علي.

(٣) في (أ، د) عن الأصبغ. وهو تصحيف.