المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[خروجه إلى مكة]

صفحة 473 - الجزء 1

  دس إلى الحسين: أني والله ما أحب أن أبلى بك، فابعث إلي جماعة من أصحابك ولو عشرة أناس يبيتون عسكري فإني انهزم، وستر الرسالة إليه بذلك وأعطاه على قوله⁣(⁣١) عهودا، فأرسل إليه نفرا⁣(⁣٢) فطوقوا عسكره وجعجعوا به وبأصحابه وصيحوا به، فخرج هاربا وابتغى دليلا يعدل به عن المدينة حتى يصير بين مكة والمدينة، فورد على موسى بن عيسى فاعتذر إليه في انهزامه بالبيات، ثم اجتمعوا في عسكر واحد⁣(⁣٣).

[خروجه إلى مكة]

  وتهيأ الحسين في من بايعه، ودفع مالا إلى مولى لآل الحسين⁣(⁣٤) يقال له يوسف، وكانت جدته مولاة فاطمة بنت الحسين، فأمره أن يكتري له ولأصحابه وهو يريد في تقديره أن يسبق الجيوش إلى مكة، فأقام أياما ويوسف يخبره أن قد اكترى له، ثم توارى⁣(⁣٥)، وذهب بالمال⁣(⁣٦).

  قال أبو الحسن النوفلي: فلما وقف الحسين على ما صنع يوسف طلب الكريّ فلم يجده لضيق الوقت، فلم يزل يحتال للمال والإبل حتى وجد من ذلك ما وجد وقد فاته الوقت، وتقدمت الجيوش مكة ممن خرج من الكوفة والبصرة وبغداد وخرج ومعه ممن تبعه ومن أهل بيته زهاء ثلاثمائة رجل، فلما قربوا من مكة وصاروا إلى فخ وبلدح⁣(⁣٧) تلقته الجيوش.


(١) نهاية الصفحة [٢٧١ - أ].

(٢) في (د، أ): نفيرا.

(٣) راجع تاريخ الطبري (٦/ ٤١٣)، وابن الأثير (٦/ ٣٣)، ومقاتل الطالبيين (٣٧٦) وما بعدها.

(٤) في (أ): لآل الحسن.

(٥) في (أ): ثم توارى عنه.

(٦) في الطبري أنه أقام بالمدينة أحد عشر يوما، ثم خرج في أربعة وعشرين من ذي القعدة سنة (١٦٩ هـ)، تاريخ الطبري (٦/ ٤١٣).

(٧) بلدح: هو وادي يقع قبل مكة من جهة الغرب، وفيه المثل: لكن على بلدح قوم عجفى، قال أبو الفرج الأصبهاني: حدثني أحمد بن عبد الله، قال: سمع على مياه غطفان كلها ليلة قتل الحسين صاحب فخ هاتف يهتف ويقول:

ألا بالقوم للسواد المصبح ... ومقتل أولاد النبي ببلدح

انظر: معجم البلدان (١/ ٤٨٠ - ٤٨١)، مقاتل الطالبيين ص (٣٨٤ - ٣٨٥)، وانظر حول خروجه من المدينة إلى مكة، انظر: المقاتل ص (٣٧٧).