المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[ثانيا: صفة مخرجه ÷]

صفحة 157 - الجزء 1

  إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغه ثبت الله قدميه يوم القيامة»⁣(⁣١).

  لا يذكر عنده إلّا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره، فيدخلون روّادا⁣(⁣٢) ولا يفترقون إلّا عن ذواق⁣(⁣٣)، ويخرجون أذلة⁣(⁣٤).

[ثانيا: صفة مخرجه ÷]

  قال: فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟

  فقال: كان رسول الله ÷ يخزن لسانه إلّا مما يعنيهم، ويؤلفهم لا يفرقهم، أو قال: لا ينفرهم، كل كريم آل يضعفه⁣(⁣٥) ويسأل بكل حال عنده، ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس بأن يحترسهم من غير أن يطوي عن أحد بسره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسّن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهيه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري في (٣) كتاب العلم (٩) باب قول النبي ÷: «رب مبلغ أوعى من سامع»، وهو في فتح الباري (١/ ١٥٧)، وأخرجه مسلم في كتاب الحج حديث (٤٤٦).

(٢) يدخلون روادا، أي مرتادين للعلم والفقه، كما يرتاد الرائد القطر لأهله، ويخرجون أجلة، يعني أدلة لغيرهم على العلم والفقه والشريعة، كما يدل الرائد الذي قد عرف مواضع الماء والكلأ. والله أعلم.

(٣) قوله: عن ذواق: قيل عن علم يتعلمونه، وقيل: على ظاهره، أي في الغالب، والله أعلم.

(٤) انظر دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٢٨٩) فقد أورد الرواية كاملة مقارنا في ذلك بين راوية العلوي وغيره من الرواة.

(٥) في رواية الحسن بن محمد العلوي: ولا يفرقهم - ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، وقوله: يضعفه: يريد أنه يضعف له من محله وقضاء حوائجه وسؤاله له وخطابه أضعاف ما يعطيه غيره من أفراد الناس.