المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[وفاة أبي بكر]

صفحة 272 - الجزء 1

  فقال له أبو بكر: تالله تهددني! لئن سألني ربي لأقولن استخلفت عليهم خير أهلك، وو الله ثم والله لئن عصيته وذكرته بسوء وأنا حي بين أظهركم لأنفينك إلى أرض اليمن، حتى تكون حراثا يأكل كدّ يده، ثم قال: يا معيقيب خذ بيده وأخرجه لا أقام الله رجليه.

  فخرج طلحة، ثم أوصى إلى عمر حتى إذا ثقل قال: إنني لا آسى من الدنيا إلّا على ثلاث وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله عنها⁣(⁣١):

  فأما اللواتي وددت أني تركتها: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة بنت رسول الله وإن كانوا أغلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن أحرقت الفجاءة⁣(⁣٢) السلمي بالنار، - وكان يفعل به - ووددت يوم سقيفة بني ساعدة أني قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح، فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا.

  وأما اللواتي وددت أني فعلتهن: فوددت أني يوم أتيت بأشعث بن قيس أسيرا ضربت عنقه، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة أقمت بذي القصة إن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هربوا كنت مردا، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام أني سيرت عمر إلى العراق.

  وأما اللواتي وددت أني سألت رسول الله عنهن: فوددت أني سألته عن هذا الأمر فلا ينازعه أحد، ووددت أني سألته هل للأنصار فيه نصيب، ووددت أني سألت عن ميراث بنت الأخ والعمة، فإن في نفسي منها شيئا⁣(⁣٣).


(١) في شرح النهج (١/ ٣٠٨) (أما إني لا آسي إلّا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهنّ، وثلاث لم أفعلهنّ وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله ÷ عنهنّ).

(٢) الفجاءة: هو إياس بن عبد الله بن عبديا السلمي، وكان قد استعرض الناس بقتلهم وبأخذ أموالهم فأمر أبو بكر بإحراقه، وعندها نهاية الصفحة [١٢٥ - أ].

(٣) الخبر: أورده ابن أبي الحديد في شرح النهج (١/ ٣٠٧ - ٣٠٨)، نقلا عن كتاب (السقيفة) لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ... وقال: وروى أحمد - أي الجوهري، وروى المبرّد في الكامل صدر هذا الخبر - عن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات ... إلخ.