المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[بيعة عثمان وبعض أخباره كما نقلت عن الإمام النفس الزكية]

صفحة 284 - الجزء 1

  في سوق المدينة، ومعه الخنجر الذي طعن به عمر فقتلهما، فأوصى عمر أيهم ولي أمر المسلمين أن ينظر عبيد الله فإنه قتل رجلين من المسلمين، فإن هو أقام بينة عادلة أنهما هما اللذان أمرا بقتله خلى سبيله.

  فجعل عثمان يعلل الناس إذا كلموه في أمره، ثم إنه عمد إلى مقام رسول الله على منبره فجلس عليه، فقال سلمان⁣(⁣١): اليوم ولد الشر، وقد كان أبو بكر قام أسفل منه؛ وعمر أسفل من مقام أبي بكر، ثم إنه زعم أنه عفا عن عبيد الله فقال المسلمون: ليس لك العفو عنه، فقال: بلى أنا والي المسلمين، فقال علي #: ليس كما تقول أنت بمنزلة أقصى المسلمين رجلا، لا يسعك العفو عنه، فإنما قتلهما في ولاية غيرك ولو كان في ولايتك ما كان لك.

  فلما رأى أن المسلمين أبوا عليه إلّا قتله أمره فدخل إلى الكوفة، وأقطعه بها دارا وأرضا من السواد، وجعل له غلتها، وعمد إلى عمال عمر فعزلهم، واستعمل الوليد بن عقبة⁣(⁣٢) على الكوفة - وكان أخاه لأمه - وهو الذي أنزل الله فيه: {إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ...} الآية [الحجرات: ٦]


(١) قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: هو سلمان ابن الإسلام، أبو عبد الله الفارسي، سابق الغرب إلى الإسلام، صحب النبي ÷ وخدمه، حدث عنه، وروى عنه ابن عباس، وأنس بن مالك، وعبد الرحمن النخعي، وكان لبيبا حازما، من عقلاء الرجال وعبادتهم ونبلائهم، وهو من أشار على رسول الله ÷ بحفر الخندق. وأخرج أحمد في مسنده لبريدة قال رسول الله ÷: «عليكم بحب أربعة: علي وأبي ذر وسلمان والمقداد»، وكان رجلا قويا، انظر: سير أعلام النبلاء (١/ ٥٠٥ - ٥٥٧)، طبقات ابن سعد (٤/ ٥٤)، حلية الأولياء (١/ ١٨٥ - ٢٠٨)، تاريخ أصبهان (١/ ٤٨ - ٥٧)، الاستيعاب (٤/ ٢٢١)، تاريخ بغداد (١/ ١٦٣ - ١٧١)، أسد الغابة (٢/ ٤١٧)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢٢٦ - ٢٢٨)، تهذيب التهذيب (٤/ ١٣٧)، الإصابة (٤/ ٢٢٣) (٥/ ٣٣)، خلاصة تهذيب الكمال (١٤٧)، كنز العمال (١٣/ ٤٢١)، شذرات الذهب (١/ ٤٤)، تهذيب تاريخ ابن عساكر (٦/ ١٩٠ - ٢١١).

(٢) هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو وهب الأموي، وهو أخو عثمان بن عفان لأمه، بعثه رسول الله ÷ على صدقات بني المصطلق ولي الكوفة لعثمان قال حصين بن المنذر: صلى الوليد بالناس الفجر أربعا وهو سكران ثم التفت وقال: أزيدكم، انظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٤١٢ - ٤١٦)، ابن سعد (٦/ ٢٤) (٧/ ٤٧٦)، نسب قريش (١٣٨)، مروج الذهب (٣/ ٢٧٩، ٩٩، ١٩٩)، الأغاني (٥/ ١٢٢)، الاستيعاب (ت ٢٧٥٠)، تهذيب التهذيب (١١/ ١٤٢)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢ / ١٤٥)، تهذيب الكمال (١٤٧٠)، البداية والنهاية (٨/ ٢١٤)، العقد الثمين (٧/ ٣٩٨)، روى أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعلي: أنا أحد منك سنانا، وأبسط لسانا، وأملأ للكتيبة، وقال علي: اسكت، فإنما أنت فاسق، فأنزل الله سبحانه وتعالى: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً}، أورده السيوطي في الدر المنثور (٥/ ١٧٧ - ١٧٨) ونسبه للأغاني (٥/ ١٤٠)، والواحدي أخرجه أيضا في أسباب النزول، وابن عدي، وابن مردويه، والخطيب من طرق عدة عن ابن عباس، الاستيعاب (٤/ ١١٤ - ١١٨) ت (٢٧٥٠).