[بيعة عثمان وبعض أخباره كما نقلت عن الإمام النفس الزكية]
  المدينة فأدخله وأعطاه ثلاثمائة ألف درهم، وأعطى الحارث بن الحكم(١) صدقة البحرين، وأعطى مروان بن الحكم(٢) مائة ألف من خمس إفريقية، واستلف(٣) من مال الله مالا عظيما، فأتاه عبد الله بن أرقم(٤) - وكان يلي الفيء والخمس والمال على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر - يتقاضاه، فقال: ما لك ولهذا والله لا أقضي منه شيئا أبدا، قال: والله لا ألي لك شيئا أبدا ما بقيت.
  وقدم عليه مال من العراق فطفق يقسمه بين بناته وأهله في الصحاف، واشترى الأرضين بمال الله، وهو أول من بنى القصور في المدينة، وأفاض المال على ولده، وقد قال الله تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ}[الحشر: ٧].
  وقتل الوليد بن عقبة رجلا بالكوفة من الخيار يقال له: دينار، فأبى أن يقتله به، وشرب الخمر الوليد بالكوفة، فشهدوا عليه عنده أنه يصلي بالناس سكران، فلم يعزله ولم يضربه حتى أخرجه أهل الكوفة، وأحيا مواضع القطر في البادية، وأرعى فيها أهلها الماشية؛ وقد قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً ...} الآية [يونس: ٥٩]، ومنع الأعراب الجهاد(٥) مخافة أن يشركهم في الفيء، وقد دعاهم الله ورسوله إلى الجهاد، فكلمه المسلمون فيما ركب من المعاصي فشتمهم وآذاهم.
(١) هو: الحارث بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، تزوج عائشة بنت عثمان بن عفان وأعطاه مائة ألف من بيت المال، انظر: جمهرة أنساب العرب (١٠٩)، شرح النهج (١/ ١٩٩).
(٢) هو: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو عبد الملك القرشي الأموي يكنى أبا القاسم وأبا الحكم، مولده بمكة، قال عطاء بن السائب عن أبي فجر، قال: كنت بين الحسن والحسين ومروان، والحسين يساب مروان فنهاه الحسن، فقال مروان: أنتم أهل بيت ملعونون، فقال الحسن: ويلك، قلت هذا والله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه.
توفي خنقا في أول رمضان سنة (٦٥ هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٧٦)، الاستيعاب (٣/ ٤٤٤ ت ٢٣٩٩)، الإصابة (ت ٧٩٣١)، أسد الغابة (ت ٤٨٤٨)، طبقات ابن سعد (٥/ ٣٥)، طبقات خليفة (ت ١٩٨٤)، الجرح (٨/ ٢٧١)، تاريخ الطبري (٥/ ٥٣٠، ٦١٠). وانظر بقية مصادر ترجمته في سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٧٦)، الاستيعاب (٣/ ٤٤٤).
(٣) في (أ، ب): واستسلف.
(٤) هو: عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري الكاتب، ولاه عمر بيت المال، وولي بيت المال لعثمان مدة، قال مالك: أجازه عثمان وهو على بيت المال بثلاثين ألفا، وقيل: إنها كانت ثلاثمائة ألف درهم، انظر: سير أعلام النبلاء (٢/ ٤٨٢ - ٤٨٣).
(٥) نهاية الصفحة [١٣٤ - أ].