[اجتماع الحكمين]
  وابن عباس وشريح وأبو موسى مقابلهم، وابن عباس يعظ أبا موسى ويقول: إنما هو عمرو فلا تغترن بقوله، فتدافعا قريبا من شهرين يجتمعون بين يومين وثلاثة، وكان رأي أبي موسى في ابن عمر، فقال عمرو: يا أبا موسى كنا مع رسول الله وأبي بكر وعمر نجاهد ونقاتل المشركين واليوم كما ترى، وبكى، ثم نال من معاوية، وذكر أنه لا يرضى بشيء من فعله، فقال أبو موسى: وأنا كذلك لا أرضى بعلي وذمه، وجعل ابن عباس يستقرئه ما يجري بينهما، ويكتمه أبو موسى(١)، ثم إن أبا موسى(٢) أتى عمرا يستخبره ما يريد، فقال: إن شئت أحيينا سنة عمر.
  قال: إن كنت تريد أن تبايع ابنه فما يمنعك من ابني؟
  قال: إنه رجل صدق، ولكنك غمسته في الفتنة.
  قال: صدقت، ثم أقبلا إلى الناس وهم مجتمعون، فقال له(٣): اصعد وتكلم، وقد كان ابن عباس قال له: قدم عمرا قبلك ثم تكلم بعده، فإنه رجل غدار، فصعد أبو موسى المنبر بين العسكرين، فقال: اشهدوا أني قد خلعت عليا، ونزع خاتمه من يده وقال: كما ترون خلعت هذا الخاتم ثم نزل، ثم صعد عمرو(٤) فحمد الله وأثنى عليه، وقال: قد سمعتم خلعه صاحبه وقد خلعته أنا - وبيده خاتم - وقال: وأثبت صاحبي كما أثبت هذا الخاتم في إصبعي هذه، وأدخله إصبعه.
  فقال أبو موسى: لا وفقك الله غدرت وخنت، مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، فقال عمرو: ومثلك مثل الحمار يحمل أسفارا.
  والتمس أصحاب علي # أبا موسى فركب ناقته ولحق بمكة، فكان ابن عباس يقول: قبح الله أبا موسى قد حذرته فما عقل، وكان أبو موسى يقول: حذرني ابن عباس غدرة الفاسق.
(١) نهاية الصفحة [١٦٤ - أ].
(٢) في (أ): ابن عباس.
(٣) في (ب، ج): وقال عمرو.
(٤) في (ب، ج): وصعد عمرو المنبر.