[اختيار ابن زياد لتولي الكوفة]
  فخرج عبيد الله بن زياد حتى أتى الكوفة فدخلها متلثما، فجعل يمر بمجالسهم يسلم عليهم فيردون عليه وعليك السلام يا بن رسول الله، وهم يرون أنه الحسين بن علي @، فنزل القصر ودفع إلى حمصيّ أربعة آلاف درهم وقال: تعرف موضع مسلم بن عقيل، فإذ لقيته فادفع إليه هذا المال وقل له تستعين به على أمرك(١).
  فخرج وفعل ورجع إلى ابن زياد فأخبره بتحول مسلم إلى منزل هانئ بن عروة المرادي(٢)، ودخل على ابن زياد وجوه أهل الكوفة ومعهم عمر بن حريث(٣) ومحمد بن الأشعث(٤) وشريح بن هانئ، فلما صاروا عنده قال لهم: أين هانئ بن عروة، فخرج ابن حريث ومحمد بن الأشعث وشريح حتى أتوا هانئا وقالوا: إن الأمير قد ذكرك.
  قال: ما لي وللأمير، فلم يزل به حتى ركب إليه، فلما رآه قال: أين مسلم بن عقيل؟
(١) انظر: حياة الإمام الحسين (٢/ ٣٥٤ - ٣٥٧)، البداية النهاية (٨/ ١٥٢)، الطبري (٦/ ١٩٩، ٢٠٠)، مقتل الإمام الحسين ص (١٦٥)، المفيد في ذكر السيد الشهيد ص (٢٩) وما بعدها.
(٢) هو: هانئ بن عروة بن الفضفاض بن عمران الغطيفي المرادي أحد سادات الكوفة وأشرافها كان أول أمره من خواص أمير المؤمنين علي #، وحدث في أيام معاوية أن والي خراسان كثير بن شهاب، المذحجي اختلس أموالا وهرب بها إلى الكوفة، واختبأ عند هانئ فطلبه معاوية ونذر دم هانئ فخرج هانئ إلى أن أتى مجلس معاوية، وهو لا يعرفه، فلما نهض الناس ثبت في مكانه، فسأله معاوية عن أمره، فعرف بنفسه فدار بينهما حديث، وقال معاوية: أين المذحجي؟ فقال: هو عندي في عسكرك يا أمير المؤمنين: فقال انظر ما اختانه، فخذ منه بعضا وسوغه بعضا، ثم كان عبيد الله بن زياد أمير البصرة والكوفة يبالغ في إكرامه إلى أن بلغه أن مسلم بن عقيل مختبئ عنده، وكان ابن زياد جادا في البحث عن مسلم بن عقيل، فدعا بهانئ وعاتبه فأنكر، فأتاه بالمخبر فاعترف وامتنع عن تسليمه، وغضب ابن زياد، وضربه وحبسه، ثم قتله، وصلبه بسوق الكوفة سنة (٦٠ هـ / ٦٨٠ م)، انظر: الجامع لبا مطرف (٤/ ٢٠٥ - ٢٠٦)، الجرح والتعديل (٩/ ١٠١).
(٣) عمرو بن حريث، قال صاحب الجرح: هو عمرو بن حريث مصري، روى عن النبي ÷ مرسلا، روى عنه حميد بن هانئ، وشعيب بن أبي سعيد، وروى عمرو بن الحارث، عن يزيد بن عبيد الله الهذلي عنه. الجرح والتعديل (٦/ ٢٢٦)، وعمرو هذا هو الذي عقد له ابن زياد راية وأمره على الناس، ولمزيد حول مواقفه انظر: مقاتل الطالبيين ص (١٠٨)، المفيد في ذكرى السبط الشهيد ص (٣٨).
(٤) هو: محمد بن الأشعث بن قيس الكندي أبو القاسم الكوفي أمه أخت أبي بكر روى عن أبيه وعمر وعثمان وابن مسعود وعائشة، روى عنه ابنه قيس والشعبي، ومجاهد والزهري، أنظر: التقريب (٥٧٦٠)، تهذيب الكمال (٥٠٧٤)، (٢٤/ ٤٩٥).