المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاد الحسين السبط #]

صفحة 370 - الجزء 1

  جالس محتبيا⁣(⁣١)، وسمعت زينب بنت علي⁣(⁣٢) الصيحة فدنت من الحسين # وهو جالس محتبيا بحمائل سيفه، ورأسه على ركبتيه فقالت: يا أخي، فرفع رأسه فقال: إن رسول الله أتاني في نومي هذا وقال: إنك تروح إلينا غدا، فلطمت وجهها وقالت: يا ويلاه، فقال: لا ويل لك يا أخية.

  [١٨٦] أخبرنا⁣(⁣٣) أحمد بن علي بن عافية بإسناده عن أبي جعفر، عن أبيه، علي بن الحسين $ قال: إني يومئذ مريض، فدنوت أسمع ما يقول أبي عنده حوي مولى أبي ذر⁣(⁣٤) وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول⁣(⁣٥):

  يا دهر أف لك من خليل ... كم بك بالإشراق والأصيل

  من طالب وصاحب قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل

  وإنما الأمر إلى الجليل ... وكل حي سالك سبيلي

  فكررها ثلاثا وفهمت ما قال، فخنقتني العبرة، فرددت دمعي ولزمت السكوت وعلمت أن البلاء قد نزل.

  وأما عمتي فسمعتها؛ وهي امرأة ومن شأن النساء الرقة والجزع، فلم تملك نفسها أن


(١) واحتبى: جلس على أليتيه وضم فخذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستند.

(٢) هي: زينب بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية سبطة رسول الله ÷ أمها فاطمة الزهراء وشقيقة الحسين والحسين. قال ابن الأثير: إنها ولدت في حياة رسول الله ÷ زوجها أبوها ابن أخيه عبد الله بن جعفر فولدت له أولادا وكانت مع أخيها حين قتل بكربلاء فحملت إلى دمشق سبية، وحضرت عند اليزيد، وكانت ثابتة الجنان، رفيعة القدر، خطيبة فصيحة، انظر: تراجم سيدات بيت النبوة د. عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ ص (٦٣٧) وما بعدها، الإصابة (٤/ ٣٢١ ت (٥١٠)، الأعلام (٣/ ٦٦ - ٦٧)، نسب قريش (٤١)، طبقات ابن سعد (٨/ ٣٤١)، الدر المنثور (٢٣٣)، جمهرة أنساب العرب (٣٣).

(٣) السند هو: أخبرنا أحمد بن علي بن عافية قال: حدثنا ابن أبي عروة قال: حدثنا إسماعيل بن بهرام الليثي، عن الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده.

(٤) في مقاتل الطالبيين جون مولى أبو ذر في تاريخ الطبري: حوي. الطبري (٤/ ٣١٨)، المقاتل (١١٣).

(٥) الأبيات والرواية في الطبري (٤/ ٣١٨ - ٣١٩)، بلفظها أما في الفتوح (٥/ ١٤٩) والمقاتل ص (١١٣) ببعض الاختلافات، انظر تاريخ اليعقوبي (٢/ ٤٤)، وعند لفظ: يقول - نهاية الصفحة [١٩٧ - أ].