المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاد الحسين السبط #]

صفحة 373 - الجزء 1

  ودنا ليشرب، فرماه حصين بن تميم - لعنه الله - بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقى الدم، ويرمي به إلى السماء، ويقول: اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر على الأرض منهم أحدا.

  ثم إن شمرا أقبل في الرّجالة نحوه، فجعل الحسين يشد عليهم، فينكشفون عنه، وعليه قميص خز، وكان⁣(⁣١) عبد الله بن عمار بن عبد يغوث⁣(⁣٢) يقول: والله ما رأيت مكثورا قط قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه، ولا أمضى جنانا، ما رأيت قبله ولا بعده مثله، إن كانت الرجال تنكشف عن يمينه وعن يساره انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب.

  قال: ومكث طويلا من النهار وكل يتقي أن يقتله، فإذا شمر يقول: ثكلتكم أمهاتكم ما تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه، فحمل عليه سنان بن أنس بن عمر النخعي في تلك الساعة، فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لخولي بن يزيد بن الأصبحي: حز رأسه، فأراد ذلك فضعف وارتعد. فقال له سنان: فتّ الله عضدك وأبان يدك، فنزل إليه فذبحه، ورفع رأسه إلى خولي بن يزيد⁣(⁣٣).

  «وروي أنه لما قتل الحسين # سمع هاتف في الجو يقول:

  أترجوا أمة قتلت حسينا ... شفاعة جده يوم الحساب»⁣(⁣٤)


(١) في (أ، د): فكان.

(٢) في تاريخ الطبري: عن الحجاج بن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي، وعتب على عبد الله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين فقال عبد الله بن عمار: إن لي عند بني هاشم ليدا، قلنا له: وما يدك عندهم؟ قال: حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه، فو الله لو شئت لطعنته، ثم انصرفت عنه غير بعيد وقلت: ما أصنع بأن أتولى قتله يقتله غيري، قال: فشد عليه رجالة فمن عن يمينه وشماله، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعروا، وعلي من عن شماله حتى ابذعروا عليه قميص له من خز وهو معتم، قال: فو الله ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه، ولا أجرى مقدما، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب، تأريخ الطبري (٤/ ٣٤٥).

(٣) الخبر أورده الطبري بتفاصيل أكثر مما هنا. (٤/ ٣٤٥ - ٣٤٦)، وعند لفظ: يزيد - نهاية الصفحة [٢٠٠ - أ].

(٤) ساقط في (أ).