المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[خبره وبيعته]

صفحة 488 - الجزء 1

  وأربعين ومائة، وبايع الناس الحسن بن إبراهيم بن عبد الله سرا⁣(⁣١)، وتوارى هو ولم يتم أمره وبيعته، فلما دخلت سنة ست وخمسين ومائه وقعت بيعة عيسى بن زيد # بايعه الناس بالإمامة، وهو متوار بالعراق، بايعه أهل الكوفة والسواد والبصرة والأهواز وواسط وورد عليه بيعة أهل الحجاز ومكة والمدينة وتهامة.

  واشتد الطلب من أبي الدوانيق، وأخذ الناس على الظنة والتهمة وحبسهم ودس إليه الرجال سرا، وبذل الأموال الكثيرة لهم، وأنفذ إليه إذا أظهرت نفسك أعطيتك من الدنيا في كلام نحو هذا⁣(⁣٢).

  فأجابه عيسى بن زيد فإذا أنا لئيم الأصل ودنيء الهمة⁣(⁣٣) أبيع آخرتي بالدنيا الفانية، وأكون للظالمين ظهيرا، والعجب منك ومن فعلك تطمع فيّ وأنت تعرفني.

  وكان # يقول: ما أحب أن أبيت ليلة وأنا آمن منهم وهم آمنون⁣(⁣٤) مني.

  وكان # يروي الناس الأحاديث ويفتيهم وابنه الحسين بن عيسى بن زيد أحد العلماء يروي عن أبيه، وأحمد بن عيسى كان صغيرا لم يرو عن أبيه شيئا، وهو من أحد الفاضلين.

  وكان لعيسى بن زيد دعاة في جميع الآفاق في كور العراقين⁣(⁣٥) والحجاز وتهامة والجبال، ووجه إلى مصر والشام دعاته، وطار صوته في الآفاق، وهمّ بالخروج غير مرة، فلم يتيسر له ذلك، إلى أن مات أبو الدوانيق في سنة مائة وتسع وخمسين، فهمّ عيسى بن زيد بالخروج، واشتد الطلب له بالكوفة والبصرة من ابن أبي الدوانيق، وبذل الأموال الكثيرة، ودس⁣(⁣٦) إليه الرجال وحبس خلقا كثيرا منهم.

  وهمّ عيسى بن زيد بالخروج إلى أرض خراسان فوافى الري فلم يتهيأ له وانصرف إلى


(١) نهاية الصفحة [٢٨٥ - أ].

(٢) انظر: مقاتل الطالبيين ص (٣٤٨، ٣٥٥).

(٣) في (أ): روي النعمة.

(٤) في (أ، د): يأمنون.

(٥) في (ب، د): في الكوفة والعراقين.

(٦) نهاية الصفحة [٢٨٦ - أ].