[استشهاده #]
  قلت: لا.
  قال: فدعني أوصي.
  قلت: لا.
  قال: فدعا بثياب يلبسها.
  فقلت: لا إلّا ثيابك التي عليك.
  قال: فحملته معي على دابة، وقنعت رأسه بردائه ومضيت به سريعا(١)، فآذاني طوال طريقى: يا أبا هاشم ناشدتك(٢) الله لما أخبرتني لم دعي بي؟
  فأعرضت عنه، ثم أحضرته الباب فأمر الرشيد بدفعه إلى الفضل بن الربيع فحبسه عنده.
  قال مسرور: أمرني بإتيان يحيى بن عبد الله في اليوم الذي حبسه فيه فجئته فقلت له: أجب، فو الله ما سألني عن شيء، ولا قال: أجدد(٣) طهورا ولا ألبس قميصا حتى نهض فركب معي، فما كلمني في طريقه بكلمة حتى صرت به إلى الباب(٤)، وأمرني الرشيد بحبسه عندي في سرداب، ووكلت به، وكنت أدخل إليه في كل يوم قوته، فبينما الرشيد يوما قد دعا بغدائه إذ أقبل علي فقال: يا مسرور، اذهب فانظر إلى أي شيء يصنع يحيى بن عبد الله واعجل إليّ.
  فمضيت ففتحت عنه السرداب فوجدته يطبخ قدرة عدسية ببصل مع لحيم أدخلناه إليه مما كنا نقوته به.
  قال: فأعرضت عنه وخرجت إلى الرشيد فأخبرته؛ فقال: اذهب فقل له أطعمنا من قدرك.
  فجئته فقلت له ذلك، فتناول جويما(٥) كان بين يديه فأفرغ القدر فيه، قال: فغطيته ودفعته إلى خادم فركض به حتى وضعه بين يدي الرشيد على مائدته.
(١) نهاية الصفحة [٢٩٦ - أ].
(٢) في (أ، د): نشدتك، وفي (ب): أنشدتك.
(٣) في (ب): آخذ.
(٤) في (ب): الرشيد.
(٥) تصغير جام: إناء للشراب والطعام من فضة ونحوها.