المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[استشهاده #]

صفحة 501 - الجزء 1

  قلت: لا.

  قال: فدعني أوصي.

  قلت: لا.

  قال: فدعا بثياب يلبسها.

  فقلت: لا إلّا ثيابك التي عليك.

  قال: فحملته معي على دابة، وقنعت رأسه بردائه ومضيت به سريعا⁣(⁣١)، فآذاني طوال طريقى: يا أبا هاشم ناشدتك⁣(⁣٢) الله لما أخبرتني لم دعي بي؟

  فأعرضت عنه، ثم أحضرته الباب فأمر الرشيد بدفعه إلى الفضل بن الربيع فحبسه عنده.

  قال مسرور: أمرني بإتيان يحيى بن عبد الله في اليوم الذي حبسه فيه فجئته فقلت له: أجب، فو الله ما سألني عن شيء، ولا قال: أجدد⁣(⁣٣) طهورا ولا ألبس قميصا حتى نهض فركب معي، فما كلمني في طريقه بكلمة حتى صرت به إلى الباب⁣(⁣٤)، وأمرني الرشيد بحبسه عندي في سرداب، ووكلت به، وكنت أدخل إليه في كل يوم قوته، فبينما الرشيد يوما قد دعا بغدائه إذ أقبل علي فقال: يا مسرور، اذهب فانظر إلى أي شيء يصنع يحيى بن عبد الله واعجل إليّ.

  فمضيت ففتحت عنه السرداب فوجدته يطبخ قدرة عدسية ببصل مع لحيم أدخلناه إليه مما كنا نقوته به.

  قال: فأعرضت عنه وخرجت إلى الرشيد فأخبرته؛ فقال: اذهب فقل له أطعمنا من قدرك.

  فجئته فقلت له ذلك، فتناول جويما⁣(⁣٥) كان بين يديه فأفرغ القدر فيه، قال: فغطيته ودفعته إلى خادم فركض به حتى وضعه بين يدي الرشيد على مائدته.


(١) نهاية الصفحة [٢٩٦ - أ].

(٢) في (أ، د): نشدتك، وفي (ب): أنشدتك.

(٣) في (ب): آخذ.

(٤) في (ب): الرشيد.

(٥) تصغير جام: إناء للشراب والطعام من فضة ونحوها.