المصابيح في سيرة الرسول وآل البيت،

أبو العباس أحمد الحسني (المتوفى: 366 هـ)

[تزويج والده صلى الله عليه وآله سلم]

صفحة 95 - الجزء 1

  فذهب⁣(⁣١) إلى أنيس الحاجب، فقال له: إن هذا القادم من مكة سيد أهلها، ومطعم الناس بالسهل والوحش في قلال الجبال.

  فدخل أنيس على أبرهة، فأذن لعبد المطلب في الدخول، فأقبل مع⁣(⁣٢) ابنه والفيل الأعظم واقف على الباب، فلما جاز عبد الله نظر الفيل إلى وجهه فخر ساجدا⁣(⁣٣)، فعجب من ذلك أنيس ومن على الباب.

  فقال قس: لا تعجبوا من سجوده فإنه لم يسجد له، ولكن «سجد»⁣(⁣٤) للنور الذي في وجهه، وهو نور نبي عرفناه في الإنجيل⁣(⁣٥).

  ودخل عبد المطلب وابنه، فلما رآه أبرهه، نزل عن سريره، وجلس على بساط وأجلسهما معه.

  وكان عبد المطلب وسيما جسيما، يهابه من رآه فكره أن تراه⁣(⁣٦) الحبشة على سرير ملكه.

  ثم كلم أبرهة فيما استاقوا له، فتبسم أبرهة وقال للترجمان: أخبره أنه لما دخل ملأ قلبي من هيبته، وظننته ذا عقل، إني إنما سرت لتخريب هذا البيت الذي هو شرفه ويكلمني في أباعره!

  فقال: إن هذا البيت بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم # وقد كاده غيره في الزمن الأول فكفى الله كيدهم⁣(⁣٧)، وله رب، وأما الإبل فأنا ربها⁣(⁣٨).

  فردها عليه، فرجع بها.


(١) في (ج، ب): فمشى.

(٢) في (ب، ج): فأقبل معه.

(٣) في (ب، ج): فخر ساجدا له.

(٤) ساقط في (ب).

(٥) انظر: السيرة لابن هشام (١/ ٤٤ - ٥٩)، السيرة الحلبية (١/ ٥٩ - ٦٠)، دلائل النبوة (١/ ١١٥ - ١٢٥)، البداية والنهاية (٢/ ١٧٠)، الأمالي الاثنينية (خ).

(٦) نهاية الصفحة [٩ - أ].

(٧) في (ب): فكفى كيدهم.

(٨) في (أ): أنا ربها.