البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب المبتدأ

صفحة 101 - الجزء 1

  ويجوز أن تدخل على المبتدأ (كان) وأخواتها، و (ظننت) وأخواتها، و (إِنَّ) وأخواتها؛ لأنَّك لما أخليته منها جعلته معرضاً لدخولها عليه.

  ولما كان المبتدأ يفتقر إلى خبر يُحدث به عنه ويكون مسنداً إليه استحق الخبر أن يكون مرفوعاً؛ إذ كان لا بد في الكلام منه ومنهم من يقول: إِنَّ الخبر ارتفع؛ لأنه وقع ثانياً لأول، والعامل فيه هو المبتدأ كما أنَّ العامل في الفاعل هو الفعل، لما وقع الفاعل ثانيا لأوّل وكان رفعاً، كذلك الخبر. ومنهم من يقول: إِنَّ الابتداء رفع المبتدأ، والابتداء والمبتدأ جميعًا رفعا الخبر، كما تقول في قولك: إِن تضرب أضرب: إِنَّ فعل الشرط مجزوم بـ (إن)، وفعل الجزاء مجزوم بـ (إن) وبفعل الشَّرط جميعاً. وعند نحاة الكوفيين أنَّ المبتدأ رفع الخبر، والخبر رفع المبتدأ أو يسمونهما المترافعين⁣(⁣١). وقد مضى في كلام (سيبَوَيهِ) ما يدل على ذلك؛ لأنه تارة يجعل المبتدأ هو الذي رفع الخبر، وتارة يقول إنَّ الابتداء رفع الخبر كما رفع المبتدأ⁣(⁣٢).

  واعلم أن المبتدأ - سواء تقدم أو⁣(⁣٣) تأخَّر - لا يخرج عن كونه مبتدأ، والفاعل إنَّما يكون فاعلاً متى وقع بعد الفعل فإن تقدم الفاعل على الفعل صار عندهم مبتدأ وخبراً، وخرج عن كونه فاعلاً، فصار المبتدأ أعم من الفاعل فلهذه العلة وجب أن يُقدم المبتدأ على الفاعل.

  وذهب بعض الناس إلى أن المبتدأ مسند⁣(⁣٤) إلى الخبر، كما أن الفعل مسند


(١) انظر الإنصاف المسألة رقم (٥): ١/ ٤٤، والتبيين عن مذاهب النحويين: ١٢٦ - ١٣٦، وشرح الكافية للرضي: ١/ ٨٧.

(٢) انظر الكتاب: ١/ ٤١، ٢٠٢، ٢٦٢، ٢٧٨، ٢٩٢.

(٣) انظر ص ١٩ الحاشية رقم (٢).

(٤) في الأصل: (مسنداً) بالنصب، وهو خطأ، والتصويب من (ع).