البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الفاعل

صفحة 122 - الجزء 1

  قيل: إنَّ التثنية والجمع غير لازمين، والتأنيث لازم، ألا ترى أن المؤنث لا ينقلب مذكراً، فلزومه أوجب إظهار علامته، والتَّثنية والجمع انتقالهما لم يجعل لهما علامة، ألا ترى أن الاسم يثنى ثم يوحد ثمَّ يُجمع ثم يفرد ويثنى⁣(⁣١)، وأيضا فإِنَّ التثنية والجمع يدخلان على المؤنث كما يدخلان على المذكر، فهذا فرق ما بينهما، فإن قيل: [فقد قالوا]: «أكلوني البراغيث»⁣(⁣٢)، وجاء في قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣(⁣٣). قيل أما قولهم: (أكلوني البراغيث) فإنَّه مجاز؛ لأن البراغيث لا تأكل ولكنها تَقْرِضُ. ومنهم من قال: إنه على التقديم والتأخير⁣(⁣٤)، وتقديره: البراغيث أكلوني.

  وأما الآية فإنها محمولة على ما تقدَّم⁣(⁣٥)، على أن بعضهم يجعل هذه لُغَةٌ لبعض العرب⁣(⁣٦)، ويرى تقديم علامة التثنية والجمع، ويشبهها⁣(⁣٧) بتاء التأنيث، وإن كان الفصيح⁣(⁣٨) غيرها. وعليه يُحمل قول الشاعر⁣(⁣٩):


(١) في (ع): (ثم يُوحد ويجمع ثم يثنى ....).

(٢) انظر سيبويه: ١/ ٥، ٦، ٣٩، ومعاني القرآن للأخفش: ١/ ٢٦٢، والهمع: ١/ ١٦٠، والأشموني والصبان عليه: ٢/ ٤٨.

(٣) الأنبياء: (٣).

(٤) (والتأخير): ساقطة من (ع).

(٥) انظر معاني القرآن للفراء ٢/ ١٩٨، ومعاني القرآن للأخفش: ١/ ٢٦٢، وإعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٣٦٦.

(٦) هذه اللغة قيل إنها لطيء، وقيل لأزد شنوءة. انظر الهمع: ١/ ١٦٠، والأشموني على الألفية، وشرح الصبان على الأشموني: ٢/ ٤٨.

(٧) في (ع): (وشبهها).

(٨) في الأصل: (الفصح)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).

(٩) هو الفرزدق.