البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب المفعول الذي جعل الفعل حديثا عنه وهو ما لم يسم فاعله

صفحة 131 - الجزء 1

باب المفعول الذي جعل الفعل حديثاً عنه وهو ما لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ

  قال: «أعلم أن المفعول⁣(⁣١) في هذا الباب يرتفع من حيث يرتفع الفاعل؛ لأن الفعل قبل كل واحد منهما حديث عنه ومسند إليه، وذلك قولك: ضُرِبَ زيد، وشتم بكر».

  اعلم أنَّ الفاعل لما كان يرتفع عند أهل العربيَّة بإسناد الفعل إليه وتقديمه عليه، والحديث به عنه، وأرادوا أن يخبروا عَمَّن وقع الفعل عليه دون من فعله أسندوا الفعل إلى المفعول، وحدثوا بالفعل عنه، وحذفوا الفاعل فصار المفعول يرتفع من حيث كان يرتفع الفاعل سواء؛ لأنَّ الفعل لا يجوز أن يبقى بغير محدث عنه، ضمو أول الفعل في هذا الباب وكسروا ثانيه المتَحَرِّكَ /، ثانيا كان أو⁣(⁣٢) ثالثًا⁣(⁣٣). وإِنَّما ضموا أوله؛ ليكون على بناء مخالف لبناء فعل الفاعل. وأما كسر العين فليكون التساوي في الأفعال كلها، فاختاروا الكسرة؛ لأن الكسرة حركة بين حركتين فهذا البناء لا يكون إلا من فعل يتعدى، نحو (ضَرَبَ) و (شَتَمَ) و (قتل)، وأشباه ذلك. فإن كان الفعل لا يتعدى لم يجز أن يُبنى منه فعل مالم يسم فاعله⁣(⁣٤). والمتعدي من الأفعال ما يتعدى فاعله إلى مفعول غيره. واللازم ما لا يتعدى الفاعل.


(١) في (مل): (المفعول به).

(٢) انظر الحاشية (٢) من ص ١٩.

(٣) ثانيا كان أو ثالثاً: كذا في الأصل و (ع)، ولعله يريد بقوله (ثانيا) أي إذا كان الفعل ثلاثيا نحو (ضُرِبَ)، وبقوله (ثالثًا) أي إذا كان الفعل رباعيا نَحْوُ (دُخْرِجَ).

(٤) لو كان هذا كلاماً صحيحا فما نقول في قوله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} الأنعام: ١٩، ٩٣، ١٠٦، ١٤٥، وهود: ٣٦، والكهف: ٢٧، وطه: ٤٨ والعنكبوت: ٤٥، والزمر: ٦٥، والزخرف: ٤٣، والجن: ١.