باب المفعول الذي جعل الفعل حديثا عنه وهو ما لم يسم فاعله
  فالذي(١) يجوز لك الاقتصار على أحدهما لك أن تُقيم أيهما شئت مقام الفاعل فترفعه وتنصب الثاني بوقوع الفعل عليه، فيصير كأنه تعدّى إليه الفعل على الانفراد.
  وأما الذي لا يجوز الاقتصار على أحد المفعولين فهو أفعال الشك واليقين، فلا يجوز أن تقيم مقام الفاعل إلا الأول، نحو قولك: علمتُ زيداً منطلقا. فتقول: علم زيد منطلقًا، ولا يجوز: عُلِمَ منطلق زيداً، وإنما لم يجز؛ لأنَّ هذه الأفعال دخلت على المبتدأ والخبر، فصار المبتدأ مفعولاً أوَّل، والخبر مفعولاً ثانياً، وإِنَّما تقصد بالإخبار عن المعرفة دون النكرة.
  فأما ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين فهي هذه الأفعال، أعني أفعال الشَّكُ واليقين، نُقلت بهمزة التَّعَدِّي، فتعدت إلى ثلاثة مفعولين، فإذا بنيتها لمفعول ما لم يُسمَّ فاعله أقمت أحدها مقام الفاعل، ونصبت الباقي على ما كان عليه وقد مضى ذكره.
  قال: «فإن لم يكن الفعلُ مُتَعَدِّيًا لم يجز إلا أن تذكر الفاعل؛ لئلا يبقى(٢) الفعل حديثًا من غير مُحدَّث عنه، وذلك نحو: قام زيد، وقعد عمرو، لا تقولُ: (قيم) ولا (قعد) لما ذكرتُ لك. فإِنْ اتَّصل به حرف جر أو ظرف أو مصدر جاز أن تقيم كلُّ واحد منها مقام الفاعل، تقولُ: سِرْتُ بِزَيْدٍ فَرْسَخَيْنِ يَومَيْنِ سَيْرًا شديداً. فإن أقمت الباء وما عملت فيه مقام الفاعل، قلت: سِيْرَ بِزَيْدِ فَرْسَخَيْنِ يومين سيراً شديداً، فالباءُ وما عَمِلَتْ فيه الآن في موضع رفع. فإن أقمت
(١) في (ع): (والذي).
(٢) في (مل): (يكون).