باب المفعول الذي جعل الفعل حديثا عنه وهو ما لم يسم فاعله
  (الفرسَخَيْنِ) مقام الفاعل قُلْت: سيرَ بِزَيْدٍ فَرْسَحَانِ يَوْمَيْنِ شَيْرًا شديدا. فَإِنْ أقمت (اليَومين) مقام الفاعل قُلْت: سيرَ بِزَيْدٍ فَرْسَخَيْنِ يَوْمَانِ سَيْرًا شديدًا. فإن أقمت المصدر مقام الفاعل قُلْتَ: سير بزيد فرسخين يومين سير شديد. ترفع / الذي تُقيمه مقام الفاعل لا غير».
  اعلم أنَّ الفعل لا بُدَّ له من فاعل أو ما يقوم مقام الفاعل، يكون مُحَدَّثًا عنه بالفعل؛ لأنَّ الفعل لا بُدَّ من إسناده إلى مرفوع على كل حال. فإذا كان الفعل لازماً يجز أن تبني منه فعل ما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ إِلا أنْ تُعَدِّيَهُ فحينئذ يقوم ما عديْتَهُ إِليه مقام الفاعل، وقد مضى ذكر ذلك. فإذا عديْتَهُ بحرف جر كان الجار والمجرور في موضع رفع. وكل فعل لازم لا بد له من ظرف زمان وظرف مكان ومصدر؛ لأنه محال أن يوجد فعل في غير زمان ومكان أو غير دال على الحدث، فيصير الفعل المتعدي بحرف جرّ يَدلُّ على أربعة أشياء، يجوز لك أن تقيم مقام الفاعل أحدها، نحو قولهم: سير بزيد يومَ الجمعةِ فَرْسَخَيْنِ سَيراً شديداً. إِنْ جَعَلْتَ الباء وما عملت فيه مقام الفاعل نصبت الباقي. وجاز أن تُقيم الجار والمجرور في موضع الفاعل، كما جاز في قوله تعالى: {أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}(١)، وفي قولهم: «ما جاءَني مِنْ أَحَ»(٢)، وفي قوله تعالى(٣): {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}(٤) وفي وقولهم: «أَكْرِمْ بِزَيْدٍ» في التَّعجب. وإِنْ رفعت المصدر جعلت (بزيد) فضلةً وزيادة بيان. فإذا(٥) رفعت المصدر فينبغي أن يكون
(١) البقرة: (١٠٥).
(٢) (وفي قولهم ... أحد): ورد في (ع) بعد (وفي قوله ... شهيدا).
(٣) من (ع)، في الأصل (قولهم).
(٤) الرعد: (٤٣)، والإسراء (٩٦).
(٥) في (ع): (وإذا).