البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 150 - الجزء 1

  ويروى: (صنفان)⁣(⁣١) أي كانَ الشَّأْنُ والحديث النَّاسُ⁣(⁣٢) نصفان».

  اعلم أن الغرض بإضمار الشأن والقصَّة في (كان) هو أن يُبهم على المخاطب الحال لتَتَوَفَّرَ دواعيه على معرفتها؛ لأنَّ الإنسان يبحث عن علم ما أبهم عليه، فحينئذ يكون أقرب إلى فهمه. وأَكْثَرُ ما يكون هذا الإضمارُ في الزَّجْرِ والوعظِ والوعيد والإيعاد، وما جرى هذا المجرى، فيكونُ الشَّأْنُ لِلْمُذَكَّرِ، والقصَّةُ للمؤنَّث، فتقول: كان زيد منطلق، فزيد منطلق: مبتدأ وخبر، وموضعها⁣(⁣٣) نصب بخَبر (كان)، واسم (كان) مضمر، والتقدير: كان الشَّأْنُ و⁣(⁣٤) الأمر والحديث زيد منطلق. وهذا الضمير لا يظهرُ، كما لم يظهر مع المبتدأ⁣(⁣٥) في قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}⁣(⁣٦) فقوله: (هُوَ) ضميرُ الشَّأْنِ والحديث، وذلك أنَّ المُشْرِكِينَ سألوا رسول الله []⁣(⁣٧) أنْ يَنْسُبَ لهم الله تعالى، فأنزل الله تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١} إلى آخرها. فقوله تعالى: (هُوَ) أي هو ما سأَلْتُمْ عنه، فهذا ضمير الحديث. ولا يحتاج أن يرجع من الجملة الخبرية ضمير إلى المضمر الذي هو الشَّأْنُ؛ لأنَّ الجملة للشَّأن في المعنى. وقد كثر هذا الضمير مع (إِنَّ) فَمِنْ ذلك قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا}⁣(⁣٨) وجاء مع (إِنَّ) مؤنَّنا نحو قوله


(١) ويروي (صنفان): ليست في (مل).

(٢) (الناس): ساقطة من (ع).

(٣) أي موضع الجملة، وفي (ع): (وموضعهما).

(٤) في الأصل (أو) والتصويب من (ع).

(٥) في (ع): (الابتداء) وهو تحريف.

(٦) الإخلاص: (١).

(٧) زيادة من (ع).

(٨) طه: (٧٤).