باب (كان) وأخواتها
  تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ}(١) ومما جاء في القرآن مع (كان) قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ١٩٧}(٢) فـ (يكون)(٣) فيها ضمير القصة ولا يجوز أن يكون (آيةٌ) اسْمَ (كانَ)؛ لأنَّ الخبر لا يكون معرفة والاسم نكرة، وإنما يقعُ / ذلك في ضرورة الشعر والقرآنُ لا يَحْمَلُ على الضرورة ألْبَتّةَ.
  وكل جملة يجوز أن تقع خبراً لمبتدأ فإنَّها تقع هاهنا خبراً للضمير، ولا تكون تلك الجملة إلا جملةً مستقلةً بنَفْسها. ولا يقع المفرد خبراً للضمير؛ لأنَّه غير مستقل بنفسه. وهذا الضمير لا يُثنى ولا يُجْمَعُ، ولكن يُذكَرُ ويُؤَنَّثْ على ما تقدم.
  قالَ: «وَقَدْ تُزادُ (كانَ) مُؤَكَّدةً للكلام فلا تحتاج إلى خبر منصوب، تقول: زيد كان قائم، ومررتُ بِرَجُل كان قائم، أي: بِرَجُلٍ قَائِم فـ (كان) زائدةٌ لا اسم لها ولا خبر قال الشاعر:
  ٣١ - سراةٌ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامى ... على كانَ المُسَوَّمَةِ العِراب
  أراد على المُسَوَّمَةِ العراب وألغى (كان)».
  اعلم أنَّ (كانَ) لَمّا وقَعَتْ زائدةً فإنَّها لا تكونُ مبتدأ بها؛ لأنَّ البداية بالشَّيء تدل على قُوَّة (العناية(٤) به، وكَوْنُ الشَّيْء) زائداً يَدلُّ على ضعفه، فلهذا لا يصح وقوعها زائدة أولاً. وإذا بطل ذلك بقي أنْ تَفَعَ حَشْواً وآخراً. فإذا وقَعَتْ
(١) الحج: (٤٦).
(٢) الشعراء: (١٩٧).
(٣) في (ع): (فيكن).
٣١ - تقدم البيت برقم (٢٤).
(٤) في (ع): (الغاية)، وهو تحريف.