البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 152 - الجزء 1

  حَشُوا جَازَ أَنْ تَقَعَ بين المبتدأ وخبره وبين الفعل وفاعله، وبين الجار والمجرور، وبين الصفة والموصوف. مثال ذلك قولنا: زيد كان منطلق، ومثال وقوعها بين الفعل والفاعل في قولهم: لم يوجد كانَ مثْلُ فلان. ومثال وقوعها بين الجار والمجرور ما أنشَدَهُ:

  ....................... ... عَلى كَانَ المُسَوَّمَة ..........

  أَراد على المُسَوَّمَة⁣(⁣١)، فأدخل [كانَ]⁣(⁣٢) بين الجار والمجرور. ومثال وقوعها بين الصفة والموصوف نحو (قولهمْ: مَرَرْتُ) برَجُل كان قائم. فإذا وقعت زائدَةً في هذه الوجوه⁣(⁣٣) دلت على فاعل (هُوَ الكَوْنُ) لما ذكرنا انه محال أن يوجد فعل لا فاعل له. وتدلُّ أيضًا على الزَّمانِ الماضي؛ لأنَّكَ لَوْ قُلْتَ: زيد قائمٌ ولَمْ تَقُلْ: (كانَ) لَوَجَبَ أنْ يكونَ ذلِكَ في الحال. ومن زيادَتِها قَوْلُ الشَّاعِر⁣(⁣٤):

  ٣٢ - في حَوْمَةٍ غَمَرَتْ أَبَاكَ بُحورُها ... في الجاهلية كانَ وَالإِسْلامِ

  ولا يمتنع أن تُلغى (كانَ) وتدلُّ على الزَّمان الماضي، كما أنَّ (ظَنَنْتُ) تُلغى وتدلُّ على الظَّنِّ، نحو قولنا: زيد كريمٌ ظَنَنْتُ، فقد وقع الظَّنَّ مع الإلغاء ويكون التقدير: زيد كريم في ظَنّي. فإذا قُلْتَ: زيد كانَ قائِم، يكون التَّقْدِيرُ زَيْدٌ قائم


(١) (أراد على المسومة): ساقط من (ع).

(٢) تكملة من (ع).

(٣) في الأصل (الوجود)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٤) هو الفرزدق.

٣٢ - البيت من الكامل من قصيدة يهجو بها جريراً. وهو في ديوانه ٢/ ٣٠٥، وانظر الخزانة: ٤/ ٣٥، والأشموني: ١/ ٢٤٠ والرواية فيهما: (في لجة غمرت ...). والحومة: أكثر موضع في البحر ماءً وأَعْمَرُهُ. وَلُجَّةُ البحر: حيث لا يدرك قعره.