باب (كان) وأخواتها
  حَشُوا جَازَ أَنْ تَقَعَ بين المبتدأ وخبره وبين الفعل وفاعله، وبين الجار والمجرور، وبين الصفة والموصوف. مثال ذلك قولنا: زيد كان منطلق، ومثال وقوعها بين الفعل والفاعل في قولهم: لم يوجد كانَ مثْلُ فلان. ومثال وقوعها بين الجار والمجرور ما أنشَدَهُ:
  ....................... ... عَلى كَانَ المُسَوَّمَة ..........
  أَراد على المُسَوَّمَة(١)، فأدخل [كانَ](٢) بين الجار والمجرور. ومثال وقوعها بين الصفة والموصوف نحو (قولهمْ: مَرَرْتُ) برَجُل كان قائم. فإذا وقعت زائدَةً في هذه الوجوه(٣) دلت على فاعل (هُوَ الكَوْنُ) لما ذكرنا انه محال أن يوجد فعل لا فاعل له. وتدلُّ أيضًا على الزَّمانِ الماضي؛ لأنَّكَ لَوْ قُلْتَ: زيد قائمٌ ولَمْ تَقُلْ: (كانَ) لَوَجَبَ أنْ يكونَ ذلِكَ في الحال. ومن زيادَتِها قَوْلُ الشَّاعِر(٤):
  ٣٢ - في حَوْمَةٍ غَمَرَتْ أَبَاكَ بُحورُها ... في الجاهلية كانَ وَالإِسْلامِ
  ولا يمتنع أن تُلغى (كانَ) وتدلُّ على الزَّمان الماضي، كما أنَّ (ظَنَنْتُ) تُلغى وتدلُّ على الظَّنِّ، نحو قولنا: زيد كريمٌ ظَنَنْتُ، فقد وقع الظَّنَّ مع الإلغاء ويكون التقدير: زيد كريم في ظَنّي. فإذا قُلْتَ: زيد كانَ قائِم، يكون التَّقْدِيرُ زَيْدٌ قائم
(١) (أراد على المسومة): ساقط من (ع).
(٢) تكملة من (ع).
(٣) في الأصل (الوجود)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٤) هو الفرزدق.
٣٢ - البيت من الكامل من قصيدة يهجو بها جريراً. وهو في ديوانه ٢/ ٣٠٥، وانظر الخزانة: ٤/ ٣٥، والأشموني: ١/ ٢٤٠ والرواية فيهما: (في لجة غمرت ...). والحومة: أكثر موضع في البحر ماءً وأَعْمَرُهُ. وَلُجَّةُ البحر: حيث لا يدرك قعره.