البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 156 - الجزء 1

  فإِنَّهَا أشْبَهَتْ (لَيْسَ) فصارَتْ مُشابهة لما شابَة الفعْلَ، فَضَعُفَ عَمَلُهَا، فَأَلْزِمَتْ طريقةً واحدةً، لتدل على ضعفها.

  فأما بنو تميم فإنَّهم لا يُعملونها، ويقولون: إنَّها لما دخلت على المبتدأ والخبر وعلى الفعل والفاعل لم تُؤثر في واحد / منهُما؛ لأنَّها لم تختص بواحد فتؤثر فيه وينصبون (بَشَراً) من قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا}⁣(⁣١) على الحال⁣(⁣٢). ويقرؤون {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}⁣(⁣٣) برفع التاء. قال شيخنا: وليس عليه الأمر. فإذا أَزَلْتَ معنى النَّفْي عن (ما) أو قدَّمت خبرها على اسمها استوت اللغتان جميعا في الرَّفْعِ. فَإِنْ عطفت على (ما) كُنْتَ مُخَيَّراً في الثاني إِن شئت رفعت الخبر، وإِن شئت نصبْتَهُ، فمَنْ نَصَبَ أَعْمَلَ (ما)، ومَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ عَطفَ جُمْلَةٍ على جملة، وإن كانت الأولى في معنى الفعل والثانية اسمية، إلا أن الجملتين لما أشبهنا أُجريتا⁣(⁣٤) مجرى واحداً [وَمِنْ أَمْثالِهِمْ: «ما كُلُّ بَيْضاءَ] شَحْمَةً، ولا كُلُّ سَوْداءَ تَمْرَةٌ»⁣(⁣٥) (⁣٦) فَمَنْ نَصَبَ (تَمْرَةً) [جَعَلَها خَبَرَ (ما)⁣(⁣٧) وَمَنْ رَفَعَ] جعلها خبر مبتدأ. و (ما) لا تتضمن ضميراً ألبتة، فلا يجوز أن تقول: زيد ما قائماً؛ لأنَّها⁣(⁣٨) حَرْفٌ فَلا تُشْبِهُ الأفعال.


(١) يوسف: (٣١).

(٢) انظر الكتاب لسيبويه: ١/ ٢٨، وإعراب القرآن للنحاس: ٢/ ١٣٩ وما بعدها.

(٣) المجادلة: (٢). والرفع رواية المفضل عن عاصم.

(٤) في (ع): (أجريا).

(٥) انظر مجمع الأمثال للميداني، ٢/ ٢٨١، والمستقصى: ٢/ ٣٢٨، وجمهرة الأمثال: ٢/ ٢٨٧ والكتاب: ١/ ٣٣، والأصول: ٢/ ٧١، وشرح المفصل: ٣/ ٢٦ - ٢٧، ٥/ ١٤٣، ٨/ ٥٢، ٩/ ١٠٥، والتبصرة: ١/ ١٩٩.

(٦) في الأصل: «تمرةٌ وَ تَمْرةً» بإقحام (وتمرة).

(٧) أي جعلها معطوفة على خبر (ما) وهو (شحمة).

(٨) في (ع): (لأنه).