البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 157 - الجزء 1

  قال: «وهي: إِنَّ، وأَنَّ، وَ كَأَنَّ، وَ لَكِنَّ، وَ لَيْتَ، وَلَعَلَّ. فهذه الحروف كلها تدخل على المبتدأ والخبر، فتنصب المبتدأ ويصير اسمها، وترفعُ الخبر ويصير خبرها، واسمها (مُشَبَّهُ بالمَفْعول)، وخبرها مُشَبَّه بالفاعل، تقول: إِنَّ زيداً (قائم، وبَلَغَني أنَّ عمراً) مُنْطَلِق، وكأنَّ أباك الأسد، وما قام عمرو ولكن جعفراً قائم، ولَيْت أَباكَ قادِمٌ، ولَعَلَّ أخاك واقِفٌ».

  اعلم أنَّ هذه الحروف تدخل على المبتدأ والخبر فتحدث فيهما إعرابا غير ما كانا عليه، فتنصب المبتدأ، وترفع الخبر، وإنَّما كان كذلك؛ لأنَّها أَشْبَهَتِ الأفعال، ومشابهتها لها⁣(⁣١) من حيث إنَّها على ثلاثة أحرف، وآخرها مفتوح، ودخلت على المبتدأ والخبر، واتصل الضمير بها كما يتصل بالفعل⁣(⁣٢)، فبهذه الوجوه أشبهت الأفعال الماضية، فأُعملت عمل الأفعال على صفة مخصوصة. وخولف بمعمولها فقُدَّمَ المنصوب / على المرفوع، وألزمت طريقةً واحدةً؛ ليدلوا بذلك على أنها حروف وأن عملها بالمُشابهة. ولو قدموا المرفوع أو أجازوا ذلك فيه لجرت⁣(⁣٣) مجرى (كان) وأخواتها، وهذا لا يجوز؛ لأنَّ الحرف إذا أشبه الفعل أُعطي بعض أحكامه. وقيل: إنهم قدموا المنصوب على المرفوع؛ ليُعلموا أَنَّهُ لا يجوز أن يُضمر فيها.


(١) في (ع): (للفعل).

(٢) في (ع): (بالأفعال).

(٣) من (ع) في الأصل: (لجرى).