البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 161 - الجزء 1

  قال: «وتدخُلُ اللام المفتوحة في خبَرِ (إِنَّ) المكسورة دون سائر أخواتها زائدة مؤكّدةً، تقول: إِنَّ زيدًا لَقائِمٌ. ولو قلت: لَيْتَ زيداً لقائم، أو نحو ذلك لم يجز».

  اعلم أن لام التوكيد تختص بالدخول على خبر (إن) دون سائر أخواتها؛ وذلك لأنها تدخُلُ للتوكيد على المبتدأ نحو: لزيد أفضل من عمرو، وما أشبه ذلك، فيُؤَكِّدون بها المخبر عنه، فأرادوا إدخالها على اسم (إِنَّ) ليزيدوه توكيداً فلم يجز أن يجمعوا بين تأكيدين في كلمة واحدة؛ لأنَّ (إِنَّ) قد دخلت على الاسم، فأدخلوها على الخبر، والمراد بها توكيد الاسم. والدليل على ذلك أَنَّكَ / إِذا قدَّمت الخبر على الاسم إذا كان الخبر ظرفًا أو حرف جر أدخلت اللام على الاسم لبعد الاسم عن (إنَّ)، تقولُ: إِنَّ في الدار لزيداً، وإِنَّ خَلْفَكَ لعَمْراً. وعليه قوله [تعالى]⁣(⁣١): {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً}⁣(⁣٢) ولَمْ يَجُزْ أَن يُدْخِلوها قبل (إِنَّ)، لأنَّ (إِنَّ) أقوى منها عملاً وتأكيداً؛ فلهذا جاؤوا بها بعدها. ولَمّا قُلْنَا: إِنَّ الخبر لا يجوز أن يُؤكَّد، وأنَّ المقصود بالتأكيد هو الاسم. قلنا في قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}⁣(⁣٣) (⁣٤): إِنَّ (إِنَّ) هاهنا لا يجوز أن تكون بمعنى (نَعَمْ)، فيكون


(١) زيادة من (ع).

(٢) آل عمران: (١٣)، والنور: (٤٤)، والنازعات: (٢٦).

(٣) طه: (٦٣).

(٤) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي جعفر وخلف ويعقوب. وقرأ ابن كثير: (إن هذان). وَاخْتُلف في النقل عن عاصم، ففي رواية أبي بكر (إِنَّ هذان)، وفي رواية حفص (إن هذان).

وقرأ أبو عمرو بن العلاء (إِنَّ هذين)، انظر السبعة ٤١٩، وإعراب القرآن للنحاس: ٢/ ٣٤٣ والنشر: ٢/ ٣٢٠ - ٣٢١.