باب (كان) وأخواتها
  اعلم أنَّ (إِنَّ) المكسورة الهَمْزَةِ تقعُ في كلِّ موضع يحسن أن يقع فيه الاسم والفعل متعاقبين، فمن مواضعها موضع المبتدأ؛ لأنَّكَ تبتدى بالفعل كما تبتدئ بالاسم. وكذلك في الصلة نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ}(١)، لأنَّ الصَّلَةَ تَكونُ اسْماً كما تكون فعلاً. ومن علامات (إنَّ) المكسورة أن تقع بعد القول، وفي خبرها اللام، وموضع المبتدأ.
  فأما (أَنَّ) المفتوحة الهمزة فإنَّها تكون في موضع يَنْفَرِدُ بالاسم أو بالفعل، من مواضعها(٢) أن تقع بعد (لولا)؛ لأنَّه موضع يختص بالاسم تقول: لولا [أَنَّكَ حِئتَني] لأكْرَمْتُ زيداً. وكذلك(٣) بعد (لَوْ)؛ لأنَّ هذا موضع [يَخْتَصُّ بالفعل فتقول]: لَوْ(٤) أَنَّكَ جِئْتَنِي لَا كَرَمْتُكَ.
  وقد تتعاقب (إِنَّ) و (أَنَّ) والتأويل [مُخْتَلِفٌ] نحو قوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}(٥) فإذا كسرت الهمزة(٦) كان على تقدير الابتداء، وإذا فتحت(٧) كان على تقدير (وَلَأنَ). وكذلك في كل موضع يتعاقبان، فتأويلهما مختلف. فأما قوله تعالى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠٩}(٨)
(١) القصص: (٧٦).
(٢) في الأصل: (مواضعهما)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) في الأصل: (فكذلك) بالفاء، وما أثبته من (ع).
(٤) (تقول: لو): ساقط من (ع).
(٥) المؤمنون: (٥٢).
(٦) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف. انظر السبعة: ٤٤٦، والنشر: ٢/ ٣٢٨.
(٧) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو، وأبي جعفر، ويعقوب، أما ابن عامر فقرأ: (وَأَنْ) بفتح الهمزة وسكون النون الخفيفة نفس المصدرين السابقين.
(٨) الأنعام: (١٠٩).