باب (كان) وأخواتها
  قيل له(١): إِنَّ الأسماء بعد (لَوْ) على تقدير تقديم الفعل الذي بعدها، فكأنَّ الاسم وقع في موقع الفعل، والفعل مراد، ولهذه العلة لا يجوز كَسْرُ (إِنَّ) وَلَوْ وَقعَ الاسم وقوعاً صحيحاً لجاز كسرُ (إِنَّ). فإن قيل: فقد جاءَتْ (أَنَّ) المفتوحة مبتدأة، نحو قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}(٢) قيل له: التَّقدير: لأنَّ المساجد لله، وإِنَّما فُتِحَتْ (أَنَّ) لِمَكان اللام.
  وقد تُخَفَّفُ (أَنَّ) المفتوحة الهمزة المشددة، فتدخل على الأفعال المستقبلة وعلى الأسماء، فيرتفع ما يقع بعدها، من ذلك قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}(٣) التقدير - والله أعلم - [عَلمَ](٤) أَنَّه سيكون(٥). ولا بد أن يفصل بين (أنْ) وبين الفعل أحد أربعة أشياء وهي: (لا، وقد، وسوف والسينُ)؛ لأنَّهم كرهوا أن يجمعوا عليها حذف الضمير وأن يليها غير ما كان يليها، فعوضوها شيئًا يكون عوضًا لها من الاسم، نحو قوله تعالى: {أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}(٦) (٧) وفي الأسماء تقولُ: عَلِمْتُ أنْ زِيدٌ مُنطَلِق، التقدير: أَنَّهُ زِيدٌ منطلق. قال الشاعر(٨):
(١) (له): ليست في (ع).
(٢) الجن: (١٨).
(٣) المزمل: (٢٠).
(٤) تكملة من (ع).
(٥) في (ع) قَدَّمَ الناسخ قوله (وفي الأسماء علمت ... من يحفي وينشغل) فجعله بعد (سيكون) وقبل (ولا بد أن ...).
(٦) طه: (٨٩).
(٧) في (ع) بدل الآية المذكورة قوله تعالى: (عَلِمَ أَنْ سَيَكون).
(٨) هو الأعشى.