باب (لا) في النفي
باب (لا) في النفي
  قال: «أعلم أنَّ (لا) تَنْصِبُ النَّكرَةَ بغير تنوين ما دامت تليها، وتُبنى معها على الفتح كـ (خَمْسَةَ عَشَرَ)، تقول: لا رَجُلَ في الدّارِ، ولا غُلامَ لكَ».
  اعلم أنَّ (لا) لما كانت نقيضة (إِنَّ)؛ لأنَّ (لا) للنَّفْي و (إِنَّ) للإثبات عملت عملها على بعض الوجوه، فنَصَبَت النكرة خاصةً، ولمْ تَنْصِب معرفةً، فإذا قلت: لا رجل في الدار، فعند (سيبويه)(١) أنَّ الفتحة في قولنا: (لا رَجُلَ) فتحة إعراب لا فتحة بناء، ولكنَّها مُنع منها التنوين. وقال (أبو سعيد) في الشرح(٢): وقد يَعْمَلُ العامِلُ في الشَّيْءِ ويُمْنَعُ التّصرف، ولا يكون هذا مُبْطِلاً لِعَمَلِهِ كقولنا: حَبَّذا زيد، (حَبُّ) فعل ماض و (ذا) فاعله، وجعلا جميعا كشيء واحد، ولا يُغَيَّرُ في التَّثنِيَةِ والجمع والتَّأنيث، ولا يمنع ذلك أن يكون (حب) قد عمل في (ذا)، فكذلك(٣) لا يمنع أن تكون (لا) قد عملت في (رَجُلٍ) وَمُنِعَ التَّنْوينُ(٤). والذي أمَلَهُ علَينا شَيْخُنا / أبو القاسم زيد بن علي: أن الأسماء الشائعة التي يُنفى بها الجنس مبنية على الفتح، وهذا هو قولُ (المبرد)(٥).
(١) قال سيبويه: «... و (لا) تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين ونصبها لما بعدها كنصب (إِنَّ) لما بعدها، وترك التنوين لما تعمل فيه لازم؛ لأنها جعلت وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد، نحو (خمسة عشر)؛ وذلك لأنها لا تشبه سائر ما ينصب مما ليس باسم وهو الفعل وما أجري مجراه؛ لأنها لا تعمل إلا في النكرة» الكتاب ١/ ٣٤٥ وفي فهم كلامه هذا وقع خلاف بين النحاة يعرضه الشارح.
(٢) شرح السيرافي: ٣ / الورقة: ٨٢/ (ب).
(٣) في (ع): (وكذلك).
(٤) في (ع): (للتنوين)، وهو تحريف.
(٥) المقتضب ٤/ ٣٥٧.