باب (لا) في النفي
  وعند (الزجاج)(١) أنها فتحة إعراب. وقال (الزَّجَاجُ): ليست مبنيَّةً وإِنَّما شبهها - يعني (سيبويه) - بـ (خَمْسَةَ عَشَرَ)؛ لأنَّها لا تفارق ما تعمل فيه كما أنَّ (خَمْسَةٌ) لا يُفارقُ. (عَشَرَ). واحْتَجَّ (الزَّجَّاجُ) بقولهم: لا رَجُلَ ولا غلاما عندك، فنصب غلامًا على العطف. فقيل له: أَنْتَ تقولُ: لا رَجُلَ ظريف عندَكَ، فَتَبني (ظريف) مع (رَجُلٍ). فقال هذا فيه نظر، وهو قول بعضهم(٢). والذي يجب أن يُعْتَمَدَ في هذا الباب أنَّ (لا) لما دخلت على الأسماء النكرات ولم تفارقها وكثرت معها حذفوا التنوين منها، وبنوها على(٣) أخف الحركات، وهي الفتحة لكثرة(٤) دورانها، فصار الاسم الواقع بعد (لا) مبنيا على الفتحة كَما بُنِي (زيد) في النداء، في قولنا: يا زيد، على الضم.
  فإن قال قائل: فما الذي أوجب بناء هذا الاسم، وهو مُتَمَكِّن معناه في نفسه؟ قيل له: لَمّا كان هذا الاسم الواقع بعد (لا) مُلازما لـ (لا) ولم يقع غيره موقعه قل تمكنه فصار بقلة التّمَكُن مُشابِها للحروف مبني. وقال قوم(٥): لما كان الاسم ملاصقا لـ (لا) تنزَّلَ الاسم منزلَةَ جُزْء من الحرف، وبعض الحرف يكون مبنيا، فكذلك هذا الاسم وجب أن يكون مبنيا، ولَمّا بُنِي بَنوه(٦) على أخفٌ الحركات، وهي الفتحة. وقال قوم(٧): بنوه على ما كان يستحقه من الحركة في
(١) انظر شرح السيرافي: ٣ / الورقة: ٨٢/ (أ). وشرح الكافية للرضي: ١/ ٢٥٥.
(٢) هذا قول الأخفش انظر شرح الكافية الشافية: ١/ ٥٢٦ والمساعد: ١/ ٣٤٨.
(٣) (على): ساقطة من (ع).
(٤) في الأصل (لكسرة)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٥) لم أقف على مرجع حددهم، وانظر التبيين: مسألة رقم (٥٦) ص ٢٩٧، والإنصاف المسألة رقم) ٥٣) (١/ ٣٦٦).
(٦) سفي (ع): (ولما بني بني).
(٧) انظر الحاشية (٥).