باب المفعول المطلق وهو المصدر
  وتقولُ في التّبيين: قُمْتُ قيامًا حَسَنًا، وجَلَسْتُ جُلوساً طويلاً. وتقول في عددِ المراتِ: قُمْتُ قَوْمَتَينِ، وجَلَسْتُ جَلْسَتَيْنِ، وضَرَبتُ ثلاث ضربات.
  اعلم أن المصدر إذا ذكرته مع فعله فهو منصوب بفعله، وإن ذكرتَهُ مفرداً عن فعله جاز أن يكون مرفوعًا ومجروراً، تقول: هذا [قيام](١) حَسَنٌ، وعَجِبْتُ من القيام والقعود، وما أشبه ذلك.
  وإِنَّما يستحقُ النَّصْبَ إذا كان مذكورًا مع فعله فَضْلَةً، والَّذِي دَعاهُمْ إلى ذكره أنهم أبداً يُؤكدون بتكرير اللفظ تارةً، وتارةً بتكرير المعنى. فمثال التوكيد بتكرير اللفظ: ضَرَبْتُ زَيْدًا زَيْداً. ومثالُ تكرير المعنى: لقيتُ الجيش أجمع، والكتيبة جَمْعاء. والتوكيد بتكرير اللَّفْظِ أَكْثَرُ اسْتِعْمالاً وأَفْصَحُ. وكان الأصل في تأكيد الفعل أن تقول: ضَرَبْتُ ضَرَبْتُ، فَعَدَلُوا عن ذكرِ الفعل ثانيا؛ كراهيةً لِمُساواة اللَّفْظِ ولطول الكلام، فأقاموا(٢) المصدر مقام الفعل /الثاني لِمُخالَفَتِهِ لَهُ فِي اللَّفظِ والصيغة.
  فأما ما يُذكرُ(٣) لبيان النوع فإِنَّما يكون لبيان الكثير من القليل والحسن من القبيح، وأشباه ذلك.
  وأما ما يُذكر لعدد المرات(٤) فإنما تستفيد منه العدد، كما استفدت التوكيد وبيان النوع من غيره.
(١) تكملة من (ع).
(٢) في (ع): (فأقام)، وهو تحريف.
(٣) في الأصل: (تذكره) وما أثبته من (ع) أولى لقوله بعد ذلك: (وأما ما يذكر لعدد ...).
(٤) في الأصل: (المراتب)، وهو تحريف.